الضمير في عبد، ولم يعد حرف (من) لأن هذه الأفعال صفة لصنف واحد وهم اليهود.
ومنها قوله: ﴿وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ﴾ ١، ظن طائفة أن (ما) نافية وهو خطأ، بل هي حرف استفهام؛ فإنهم يدعون معه شركاء كما أخبر عنهم في غير موضع، فالشركاء يوصفون في القرآن بأنهم يدعون، لا أنهم يتبعون وإنما يتبع الأئمة، ولهذا قال: ﴿إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ﴾ ٢ ولو أراد النفي لقال إن يتبعون إلا من ليسوا شركاء، بل بين أن المشرك لا علم معه، إن هو إلا الظن والخرص، كقوله: ﴿قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ﴾ ٣.
ومنها قوله: ﴿بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ﴾ ٤ حار فيها كثير، والصواب المأثور عن السلف قال مجاهد: الشيطان، وقال الحسن: هم أولى بالشيطان من نبي الله، فبين المراد وإن لم يتكلم على اللفظ كعادة السلف في الاختصار مع البلاغة وفهم المعنى. وقال الضحاك: المجنون، فإن من كان به الشيطان ففيه الجنون. وعن الحسن: الضال، وذلك أنهم لم يريدوا بالمجنون الذي يخرق ثيابه ويهذي، بل لأن النبي خالف أهل العقل في نظرهم، كما يقال: " ما لفلان عقل "، ومثل هذا رموا به أتباع الأنبياء، كقوله: ﴿وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ﴾ ٥ ومثله في هذه الأمة كثير يسخرون من المؤمنين، ويرمونهم
_________
١ سورة يونس آية: ٦٦.
٢ سورة الأنعام آية: ١١٦.
٣ سورة الذاريات آية: ١٠.
٤ سورة القلم آية: ٦.
٥ سورة المطففين آية: ٣٢.
1 / 64