بالسيف، ولم يعلم أنه استقر بينهم نزاع في خلافة أبي بكر في مسألة واحدة، وذلك لكمال علمه، ثم التي خولف فيها بعد موته قوله فيها أرجح.
(٧٧) مذهب أبي ذر ﵁ أن الزهد واجب،
وأن ما أمسك عن الحاجة فهو كنْز، واحتج بآية براءة. فلما توفي عبد الرحمن بن عوف وخلف مالا جعل أبو ذر ذلك من الكنْز، وخالفه الجمهور، واستدلوا بقوله: "ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة" ١. إلخ ولا يحول الحول على مال عند أحد إلا وهو فضلة عن حاجة، وقالوا الكنْز: المال الذي لا تؤدي حقوقه، وقد قسم الله المواريث في القرآن، وقد كان غير واحد له مال على عهده ﷺ، وكان غير واحد من الأنبياء لهم مال، وكان أبو ذر يريد أن يوجب ما لا أوجبه الله، مع أنه مجتهد في ذلك. وكان عمر يقوم رعيته فلا يتعدى لا الأغنياء ولا الفقراء، فلما كان في خلافة عثمان ﵁ توسع الأغنياء في الدنيا، وتوسع أبو ذر في الإنكار، وهذا من أسباب الفتن بين الطائفتين.
(٧٨) الغاية الممكنة ذكر الأمور الكلية
كما قال ﷺ "بعثت بجوامع الكلم" ٢، ثم النظر في دخول الأعيان فيها، أو دخول نوع خاص تحت أعم منه لا بد فيه من نظر المتولي، وقد يصيب تارة ويخطئ أخرى، فنص ﷺ على الكليات، كما جاء فيما يحرم ويحل من النساء، وكذلك الأشربة حرم كل مسكر، وأمثال ذلك، بل قد حصر المحرمات في قوله: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ﴾ ٣ الآية. فكل ما يحرم تحريما
_________
١ البخاري: الزكاة (١٤٤٧)، ومسلم: الزكاة (٩٧٩)، والترمذي: الزكاة (٦٢٦)، والنسائي: الزكاة (٢٤٤٥،٢٤٤٦،٢٤٧٣،٢٤٧٤،٢٤٧٥،٢٤٧٦،٢٤٨٣،٢٤٨٤،٢٤٨٥،٢٤٨٧)، وأبو داود: الزكاة (١٥٥٨،١٥٥٩)، وابن ماجه: الزكاة (١٧٩٣)، وأحمد (٣/٦،٣/٣٠،٣/٤٤،٣/٥٩،٣/٦٠،٣/٧٣،٣/٧٤،٣/٧٩،٣/٨٦،٣/٩٧)، ومالك: الزكاة (٥٧٥،٥٧٦)، والدارمي: الزكاة (١٦٣٣) .
٢ البخاري: الجهاد والسير (٢٩٧٧)، ومسلم: المساجد ومواضع الصلاة (٥٢٣)، والترمذي: السير (١٥٥٣)، والنسائي: الجهاد (٣٠٨٧،٣٠٨٩)، وأحمد (٢/٢٥٠،٢/٢٦٤،٢/٢٦٨،٢/٣١٤،٢/٣٩٥،٢/٤١١،٢/٤٤٢،٢/٤٥٥،٢/٥٠١) .
٣ سورة الأعراف آية: ٣٣.
1 / 54