ودعا المؤمنون بقوله: ﴿رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ ١ فقال قد فعلت، فدلت هذه النصوص على أنه لا يكلف نفسا إلا وسعها، وأن المخطئ والناسي لا يؤاخذ، وقال ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا﴾ ٢ الآية، فمن آذى مؤمنا حيا أو ميتا بغير ذنب يوجب ذلك دخل في الآية ومن كان مجتهدا لا إثم عليه فآذاه مؤذ فقد آذاه بغير ما اكتسب، ومن أذنب وتاب أو غفر له بسبب آخر فآذاه مؤذ فقد آذاه بغير ما اكتسب.
(٧٦) ذكر غير واحد الإجماع على أن الصديق أعلم الأمة،
وهذا بين؛ فإنهم لم يختلفوا في مسألة في ولايته إلا فصلها بحجة من الكتاب والسنة، كما بين لهم موته ﷺ وموضع دفنه، وقتال مانعي الزكاة، وأن الخلافة في قريش، واستعمله ﷺ على أول حجة حجت من مدينته، وعلم المناسك - أدق العبادات - ولولا سعة علمه بها لم يستعمله، ولم يستخلف غيره لا في حج ولا في صلاة، وكتاب الصدقة التي فرضها رسول الله ﷺ أخذه أنس من أبي بكر، وهو أصح ما روي فيها. وفي الجملة لا يعرف مسألة غلط فيها، وعرف لغيره مسائل كثيرة، وتنازعوا بعده في مسائل الجد والإخوة، والعمريتين والعول، وغير ذلك من مسائل الفرائض ومسألة الحرام، والطلاق الثلاث بكلمة، والخلية، والبرية، والبتة، وغير ذلك من مسائل الطلاق، وفي مسائل صارت نزاعا إلى اليوم، لكنه في خلافة عمر نزاع محض، وقوي النّزاع في خلافة عثمان حتى حصل كلام غليظ من بعضهم لبعض، وفي خلافة علي صار النّزاع
_________
١ سورة البقرة آية: ٢٨٦.
٢ سورة الأحزاب آية: ٥٨.
1 / 53