عزة ﵁ أَنه ﷺ قَالَ (إِذا قضى الله لعبد أَن يَمُوت بِأَرْض جعل لَهُ إِلَيْهَا حَاجَة)
قلت وَمن هَذَا نقل أَنه جَاءَ بعض النَّاس إِلَى سُلَيْمَان بن دَاوُد ﵉ وَقَالَ لَهُ يَا نَبِي الله أُرِيد مِنْك أَن تَأمر الرّيح تحملنِي إِلَى بِلَاد الْهِنْد فَإِن لي فِيهَا حَاجَة فِي هَذِه السَّاعَة وألح عَلَيْهِ فِي ذَلِك فَقَالَ لَهُ نعم وَأمر الرّيح أَن تحمله فَلَمَّا خرج من عِنْده الْتفت سُلَيْمَان فَرَأى ملك الْمَوْت ﵇ قَائِما عِنْده وَرَآهُ مُتَبَسِّمًا فَسَأَلَهُ عَن تبسمه فَقَالَ يَا نَبِي الله تعجبت من هَذَا الرجل فَإِنِّي أمرت بِقَبض روحه فِي أَرض الْهِنْد فِي هَذِه السَّاعَة فَبَقيت مفكرا كَيفَ يصل إِلَى بِلَاد الْهِنْد فِي هَذِه السَّاعَة فَلَمَّا سَأَلَك أَن تَأمر الرّيح تعجبت من ذَلِك انْتهى
وَفِي هَذَا الْمَعْنى قلت
(فَمن لم تأته منا المنايا ... إِلَى أوطانه يَوْمًا أَتَاهَا)
(كَمَا قَالَ الَّذِي عزى نفوسا ... وقوى فِي توكلها قواها)
(فَمن كَانَت منيته بِأَرْض ... فَلَيْسَ يَمُوت فِي أَرض سواهَا)
عَن الإِمَام مَالك ﵁ أَنه بلغه أَنه قيل لإياس مَا رَأْيك فِي الْقدر فَقَالَ لَا يعلم سره إِلَّا الله وَكَانَ يضْرب بِهِ الْمثل فِي الْفَهم
قلت وَمِمَّا ضرب الْمثل بِهِ قَول أبي تَمام يمدح بعض الْخُلَفَاء قيل هُوَ الْمَأْمُون وَقيل هُوَ المعتصم بِشعر من جملَته قَوْله
(أَقْدَام عَمْرو فِي سماحة حَاتِم ... فِي حلم أحنف فِي ذكاء إِيَاس)
شبهه فِي الشجَاعَة بِعَمْرو بن معدي كرب وَفِي الْكَرم بحاتم طي الْمَشْهُور وَفِي الْحلم بالسيد الْجَلِيل الْأَحْنَف بن قيس وَفِي الذكاء
1 / 92