الأول أَن ذَلِك بِنَاء مِنْهُم على ثُبُوت الحكم بالتحسين والتقبيح العقليين وَهُوَ بَاطِل كَمَا سَيَأْتِي مستدلا على بُطْلَانه بِثَلَاثَة عشر دَلِيلا مَا بَين عَقْلِي ونقلي
الثَّانِي أَن فِي قَوْله تَعَالَى ﴿وَمَا كُنَّا معذبين حَتَّى نبعث رَسُولا﴾ نفيا للْوُجُوب قبل الشَّرْع لنفي لَازمه وَهُوَ الْعَذَاب
الثَّالِث أَن وجوب معرفَة الله تَعَالَى وطاعته لَو كَانَ بِالْعقلِ لم يخل إِمَّا أَن يكون لغير فَائِدَة وغرض وَهُوَ محَال فِي الْعقل لِأَنَّهُ عَبث أَو لفائدة وغرض للمعبود وَهُوَ محَال أَيْضا لتقدسه عَن الْأَغْرَاض والفوائد أَو للْعَبد وَهُوَ محَال أَيْضا لِأَن الْحَال لَيْسَ فِيهِ إِلَّا الكد والتعب بِفعل الطَّاعَات وَترك الشَّهَوَات والمآل لَا يسْتَقلّ الْعقل بالاهتداء أَي معرفَة مَا فِيهِ من الثَّوَاب وَالْعِقَاب فَدلَّ على أَن لَا مُوجب إِلَّا الشَّرْع
إِذا علم هَذَا فَاعْلَم أَنه يلْزم من معرفَة الله تَعَالَى معرفَة كَونه وَاحِدًا لَا شريك لَهُ لِاسْتِحَالَة وجود شريك لَهُ تَعَالَى عقلا وَشرعا
أما الشَّرْع فَقَوله تَعَالَى ﴿قل لَو كَانَ مَعَه آلِهَة كَمَا يَقُولُونَ إِذا لابتغوا إِلَى ذِي الْعَرْش سَبِيلا﴾ وَقَوله سُبْحَانَهُ ﴿لَو كَانَ فيهمَا آلِهَة إِلَّا الله لفسدتا﴾ وَقَوله تَعَالَى ﴿وَمَا كَانَ مَعَه من إِلَه إِذا لذهب كل إِلَه بِمَا خلق ولعلا بَعضهم على بعض﴾
معرفَة الْعقل
وَأما الْعقل فَلِأَنَّهُ لَا يعرف الله سُبْحَانَهُ إِلَّا بِصِفَات الْكَمَال الْمُطلق
1 / 56