El Martirio de Husayn

Cabd Razzaq Muqarrim d. 1391 AH
116

تسمعوا قولي أهدكم إلى سبيل الرشاد».

فسلم المنذر بن الجارود العبدي رسول الحسين إلى ابن زياد فصلبه عشية الليلة التي خرج في صبيحتها إلى الكوفة ؛ ليسبق الحسين إليها (1). وكانت ابنة المنذر ، بحرية زوجة ابن زياد فزعم أن يكون الرسول دسيسا من ابن زياد ، فأما الأحنف فإنه كتب إلى الحسين (ع): أما بعد ، فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون (2).

وأما يزيد بن مسعود (3) فإنه جمع بني تميم وبني حنظلة وبني سعد ، فلما حضروا قال : يا بني تميم كيف ترون موضعي فيكم وحسبي منكم؟ قالوا : بخ بخ! أنت والله فقرة الظهر ورأس الفخر ، حللت في الشرف وسطا وتقدمت فيه فرطا ، قال : فإني قد جمعتكم لأمر أريد أن اشاوركم فيه وأستعين بكم عليه ، فقالوا : إنا والله نمنحك النصيحة ، ونجد لك الرأي ، فقل حتى نسمع.

فقال : إن معاوية مات فأهون به والله هالكا ومفقودا ، إلا وأنه قد انكسر باب الجور والإثم ، وتضعضعت أركان الظلم ، وكان قد أحدث بيعة عقد بها أمرا ظن أنه قد أحكمه ، وهيهات الذي أراد اجتهد والله ففشل ، وشاور فخذل ، وقد قام يزيد شارب الخمور ورأس الفجور يدعي الخلافة على المسلمين ، ويتأمر عليهم بغير رضى منهم مع قصر حلم وقلة علم ، لا يعرف من الحق موطأ قدميه ، فاقسم بالله قسما مبرورا لجهاده على الدين أفضل من جهاد المشركين ، وهذا الحسين بن علي وابن رسول الله (ص) ذو الشرف الأصيل والرأي الأثيل له فضل لا يوصف وعلم لا ينزف ، وهو أولى بهذا الأمر ؛ لسابقته وسنه وقدمه وقرابته ، يعطف على الصغير ويحسن إلى الكبير ، فأكرم به راعي رعية وإمام قوم وجبت لله به الحجة ، وبلغت به الموعظة ، فلا تعشوا عن نور الحق ، ولا تسكعوا في وهد الباطل ، فقد كان

Página 142