تَعَالَى ﴿سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى﴾ ٨٧ سُورَة الْأَعْلَى الْآيَة ١ وَلم يحسن كل وَاحِد من الْفَرِيقَيْنِ فِي الِاسْتِدْلَال وَالْجَوَاب جَمِيعًا
أما قَوْله ﴿سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى﴾ ٨٧ سُورَة الْأَعْلَى الْآيَة ١ فقد ذكرنَا مَا فِيهِ وَعَلِيهِ وَأما هَذَا الِاسْتِدْلَال فجوابهم عَنهُ بِأَن الِاسْم والمسمى وَاحِد وَإِنَّمَا أُرِيد بِالِاسْمِ هَاهُنَا التَّسْمِيَة فَقَط خطأ من وَجْهَيْن
أَحدهمَا أَن من يَقُول الِاسْم هُوَ الْمُسَمّى لَا يعجز عَن أَن يَقُول الْمُسَمّى هَاهُنَا تِسْعَة وَتسْعُونَ لِأَن المُرَاد بِالْمُسَمّى مَفْهُوم الِاسْم عِنْد هَذَا الْقَائِل وَمَفْهُوم الْعَلِيم غير مَفْهُوم الْقَدِير والقدوس والخالق وَغير ذَلِك بل لكل اسْم مَفْهُوم وَمعنى على حياله وَإِن كَانَ الْكل يرجع إِلَى وصف ذَات وَاحِدَة فَكَأَن هَذَا الْقَائِل يَقُول الِاسْم هُوَ الْمَعْنى وَيُمكن أَن يَقُول لله تَعَالَى الْمعَانِي الْحسنى فَإِن المسميات هِيَ الْمعَانِي وفيهَا كَثْرَة لَا محَالة
وَالثَّانِي أَن قَوْله المُرَاد بِالِاسْمِ هَاهُنَا التَّسْمِيَة خطأ فَإنَّا قد بَينا أَن التَّسْمِيَة هُوَ ذكر الِاسْم أَو وَصفه وَالتَّسْمِيَة تَتَعَدَّد وتكثر بِكَثْرَة المسمين وَإِن كَانَ الِاسْم وَاحِد كَمَا أَن الذّكر وَالْعلم يكثر بِكَثْرَة الذَّاكِرِينَ وَالْعَالمِينَ وَإِن كَانَ الْمَذْكُور والمعلوم وَاحِدًا فكثرة التَّسْمِيَة لَا تفْتَقر إِلَى كَثْرَة الْأَسْمَاء لِأَن ذَلِك يرجع إِلَى أَفعَال المسمين فَمَا أُرِيد بالأسماء هَاهُنَا التسميات بل أُرِيد الْأَسْمَاء والأسماء هِيَ الْأَلْفَاظ الْمَوْضُوعَة الدَّالَّة على الْمعَانِي الْمُخْتَلفَة فَلَا حَاجَة إِلَى هَذَا التعسف فِي التَّأْوِيل قيل الِاسْم هُوَ الْمُسَمّى أَو لم يقل
فَهَذَا الْقدر يَكْفِيك فِي كشف هَذِه الْمَسْأَلَة وَإِن كَانَت الْمَسْأَلَة لقلَّة جدواها لَا تسْتَحقّ هَذَا الإطناب وَلَكِن قصدنا بالشرح تَعْلِيم طَرِيق التعرف لأمثال هَذِه المباحث لتستعمل فِي مسَائِل أهم من هَذِه الْمَسْأَلَة فَإِن أَكثر تطواف النّظر فِي هَذِه الْمَسْأَلَة حول الْأَلْفَاظ دون الْمعَانِي وَالله أعلم
1 / 39