روى القاسم بن جريال، قال: نحوت ظفار، يعد عدم الاستظفار، لضر بهرني ورض قهرني، ونكس حملني ناره، ووكس حملني على عبء المعرة عاره، فلما نبذت بها جرابي، وحمدت غبر اغترابي، لبست لنوادر لغاتهم، وغرائب مناغاتهم، لباس التصبر، وارتديت برداء التدبر، لعلمي أن من دبر تدبر، ومن تصبر، تبصر ومن أبر تمر، ومن دخل ظفار حمر، وحين أدهش شجب الحزن وخر وأورش شجر الشجن واشمخر، واحتال كمين الكرب وكر، واغتال، غول الغيل، واسبكر أقبلت أتسلى بمن سلف، وأتحلى بما يرفع الكلف، فبينما أنا أمور فيها واضطرب، وأميل إلى ثدي الدماثة وأحتلب، إذ حثني بارق الكمد، إلى حاكم البلد، فألفيت مجلسه قد حف بالازدحام، وجمع بين العندليب والنحام، فطردت طرف الفضول، مع سوء الطالع المنضول، وولجت لسبر تلك الرزان مع ما أجد من حرارة الأحزان، وإذا به صبية، وارفة البراعة أبية، يسح منها وابل الفصاحة، وتغرد بقلل اطراحها بلابل الوقاحة، آخذة بشملة شيخ مكسوف المحاسن، متجرع ماء بوسه الآسن، مسرف في اعوجاجه، مشرف على نهل مهل احتجاجه، فهدرت هدير البازل العقيل، واصلتت فصلًا كالصارم الصقيل، وقالت: حصن الصمد حصان الصدر الصالح، النصر الناصح، الصادق النصوح، المصادق الصفوح، الناصر الصدوق، الباصر المصدوق، فاصم عصم العصاة، قاصم صنم المعاصاة، صيقل صنوف الانتصاف، فيصر أصحاب الإنصاف، مبصر الأمصار، مقصر الإصرار، صيب الصعلوك، مصوب الصكوك، صيرفي الخصام، مصطفي الاختصام، عصامي الصلاح، عاصمي الإفصاح، قصفت عواصفه قصور مفاصيه، وصفت صدور نصائحه لمصافيه، ووصلت صلاته لقاصيه، واتصلت صرامته لمقاصيه، وهصرت لأواصره النواصي، وانتصرت بعناصره عراصي، صفائح بصيرته مصقولة، ونصائح منصبه موصولة، وصعاد صباحته مصفوفة، وأصفاد مصالحته مرصوفة، خلصت خصائصه فواصت، وصلحت فصائله فاعتاصت، وصبت لمصافحته الصلحاء، وتعصبت لفصاحته الفصحاء وصفا نصر، نصره، فنصر واصطفى نصر نصره مستنصره فانتصر: الخفيف:
منصف مصقع يصوب انتصافًا ... بصلاح وعصمة وقصاص
صدع الصخر والصعاب بصدق ... صادق الصدق خالص الإخلاص
خص بالصون والصفاح فأصمى ... بصدور الصفا صدور المعاصي
1 / 39