فلما عمهم بنضارة نضاره، وخصهم بخصائص اختصاره، بوؤه نمارق الإجلال، وخولوه أيانق الإفضال، ثم إنه انبسط فضله وانتشر، وانخرط في مسامع الملك واشتهر، وأحب بأن يتحفه بدرة من فاخر لبابه، أو بدرة من زاخر عباد، فمال إلى مراده، وأملى له من لطائف إيراده، ما يخضع لصحيح فضله الصحاح، ولا ينكح لؤلؤ إفصاحه النصاح، فتدبرتها وقد حلت أجياد المردمين، وجلت بحلبة قريض المتقدمين، وتأملتها إذ زانت، وأعجزت الأفاضل وازدانت، وتغطرست وما استكانت وضوع عرف عبيرها فكانت: الخفيف:
أترع الكأس أكؤس الندماء ... أضحك النور أدمع الأنواء
بسقاة برت بحسن بنود ... بل بدور بدت بأوج بهاء
تلني لم تلوها تموج تلال ... تتهادى تطيل تيه توائي
ثيبات ثوابهن ثلوثي ... ثملات ثمالهن ثرائي
جابرات جنانهن جناني ... جائرات جحيمهن جفائي
حط حالي حؤول حب حبيب ... حاكم حاسم حوا حوبائي
خائن خاذم خدين خداع ... خادر خاتل خفي خباء
دائل دائم ديار دلال ... دار دهما دنية وهماء
ذابل ذابل ذميم ذرار ... ذي ذمام ذميمة ذناء
رافل راقد ربيع رواء ... رزم رائع رثيث رفاء
زائغ زيغه زواه زميع ... زاجر زاخر زبى زمعاء
سائغ سابغ سحوح سداد ... ساكب سامع سني سناء
شاكم شاكر شموس شموس ... شبع شهبا شديدة شقاء
صارم صابر صديق صفاح ... صادق صالح صحيب صفاء
ضرب ضارب ضراح ضيوف ... ضيغم ضامر ضليع ضياء
طافح طاهر طليق طباع ... طارق طاعن طريد طلاء
ظلف ظاهر ظهر ظليم ... ظالم ظالمًا ظبى ظرفاء
عالم عادل عروف عزوف ... عاصم عارف عظيم علاء
غائر غائم غرير غمام ... غدق غيره غثيث غثاء
فطن فاخر فريد فرند ... فارس فيلق فتي فتاء
قرع قارع قريع قراع ... قاهر قاسر قضيب قباء
كاشف كاسف كمي كفاح ... كامل كافل كريم كفاء
لقم لسلس لجين لبان ... لؤلؤ لهذم لهيم لواء
ملك مالك معين معين ... مانح مانع مبيد مراء
نائل نابل نبيه نضال ... ناصر ناضر نبي نماء
هاطل هائل هموس هجان ... هاتم هاثم هزبر هباء
وزر واكف وراء ودود ... ورد ود وديمة وطفاء
لاحق لاذ لائذوه لإعلى ... لاحب لا لأفة لأواء
يقق يافع يفاع يفاع ... يوح يوحى يتيمة يهماء
قال: فلما تمطرت إلى جنابه، وعطرت بأنابها فائح إنابه، نفحه بخلعة مسهوهبة الميدان وخلعة مغدودنة الأردان، وأحله لهذا الإبداع، ونفاسة هذيًا الإيداع محل الأنفة من القارن، والقصبة من المارن، فصائح بشثن ثنائه، وكفوف اكتفائه، بطون رواجب سمائه، وفض ما فض له على ندمائه، ثم إنه قصد المرحاض، فما آض، فغاض المرح بعدما فاض، وإنهاض ساق السعادة إذ أفاض فحصلت منهم على كثب، وفصلت عنهم عن كثب، فلم أر أزهر من ليلة قدر ذلك القدر، ولا أعطر من نكهة ثغر ذلك الثغر.
المقامة السادسة عشرة الصادية الظفارية
1 / 38