فلنحمد من نفح محبيه بملبوس جذل، ولفح من يحتويه بلبوس بوس ووجل، رفع مبدعه دور رفعته وعمر، وخلع على عبيد عزه خلع مننه وغمر، وطول طول نعمه وكمل حيث وعم عبده بعوده وتكمل فلينعم بمهمه ولو تسنم ملى قدوسه نفسه وسلم، وصلى على نبيه محمد وسلم قال الراوي: فلما فزع من ألوكته اليتيمة، الوافرة الديمة، قال له: قل ضوع الله لمعك وفتح مسمعك، ولا أسأل مدمعك، وجبريل معك، فهمهم همهمة الهموس، وغمغم غمغمة الغملس الغموس، ثم إنه تلبب لمصادمة المنون، حين أرهف له غرار ذلك النون، وأنشأ رسالة كاللؤلوء المكنون، وهي: ورد شريف حضرته، ووريف نضرته، ذو بزغ بوصوله قمر شرف يؤبد روحه وضوءه. بل ولي تحف يحمد سحه ونوؤه، وحزق مرح يتدفق سروره وفرق فرح يترقرق ميسوره خلد مرسله تخليد عصوره، وجدد مجده تجديد دهوره، وترنحت دوح جد جده وحلت، ورنحت، رتب حسدة حوله وخلت، وصفت شمس ضد فضله وضفت، وعفت شمس ضد فصله وغفت، وربت بيض سعوده وبرت، ووهت عصم خصومه وهوت، وشرق نيل جوده وبسق، ورشق نبل جوده وسبق، ولحق من بحج نجح محجته، قصر وحلق ورمق بعين معدلته، من تعدى ومرق، بنخب منظومة، وسحب مسفوحة، وشموس مشرقة، وغروس مورقة، وحكم وسيمة، وديم جسيمة، وعهد وفي، وحسن يوسفي، يوذن بوصل قطع قريب، وقطع وصل قلق غير قريب، وينطق بعلم عميم، ويمنطق بعقد فخر نظيم، ويغنى بضرب ترصيعه ويربي بزهر بديعه على ربيعه، متبرج بسيح سحره، ومترجرج بموج حلو بحره، يسود لون نقسه وطرسه، خضرة ليله، ونور شمسه، فقوبل بحمد مديد، وشكر شديد، سد من دلوحه رحيب بوحه، وسعة سحوحه، جسيم سوحه، فجمل بوروده عبده، وتجمل بعده من عنده، بعد وقوفه عليه، ووضعه فويق عينيه، وقوف من بهت بروض غريض، بل بفيض سح وسمى وميض عريض، يسفر عن محبره، ويخبر بكنه طبيب مخبره: الطويل:
شريف به در شريف مشدف ... يسح له در غريب ويعرب
له ضوء شمس في رطوبة لؤلؤ ... ولفظ به قس يقيس ويعرب
فلله عنبر عطر يدي حبره، وتقطر لدي خبره، وحبره وعبير عبق بقدومه نشره، ونضير نضر عرنين من نشره، نشره متع برشف شهد بشه، وبلقع ربوع عشه، من جيوش عشه، فليشرف بمهه ليتشرف، وطد موجده ركنه ونيف، وسرمد ملة خير خلقه محمد وشرف. قال: فلما قرن بين زبدة الزبد وتمرها، وجمع بين نقاخ خمرة النخب وخمرها، جعل أبوه يفكر في تلفيه وتدقيقه، وينظر في تحقيقه وتطبيقه، ويطرب من فقر مقاليبه وحسن تجنيس أساليبه ويعجب من حذفه ولزومه، ورد عجز معجزه على حيزومه، وإجادة مغازيه وجودة متوازنه ومتوازيه، ولغة طيه، وطيب نشره وطيه، وترصيعه واشتقاقه، ولهاذم مطرفه ورقاقه، ثم أقبل يقبل بياض غرته، ويقلب سواد بياض نضارته، فعندما راقه رقة ذلك الغرار، وفاقه بحذو ذياك الغرار، قال له: أفادك الله بامتياح عيني، وأعاذك من عيون البشر وعيني، فلقد أثريت قراحي بهذا اقتراحي، وأوريت مصباحي باقتباسك من صباحي، فأنت أحق من لعلمه الرجال كعمت ولا دابه الرجال عكمت، وعليه قدمت الرياسة وسلمت، وإليه تقدمت السياسة وسلمت، ولنقص حظه الورى تظلمت، ومن أشبه أباه فما ظلمت، قال القاسم بن جريال: فحين غمد حسام مساجلته، وعمد لارتشاف مدامته، ودهشت بانسكاب ذلك الصبير وشدهت بارتفاع عرف ذيالك العبير، جنحت إليه جنوح الأنوح، ومنحت كفه سرعة الاستلام السحوح، فقال لي: أهلًا بالنمر الجسور، والمنهمر المسجور، ذي الحظ العازب، والعزم اللازب، ثم قال لي: أأطربك ذلك الرواء، حين اختلسته من وراء؟ فقلت له: إي، ومن رفعت به السماء، وتعسعست بقدرته الظلماء، فقال لي: أتحب بأن احتضن كنانة المسامرة، لتحمد شحذ سيف سفرتك الزاهرة، وأعتقل رماح المحاضرة، لتشكر شيم ليلتك الناضرة، فقلت له: حبذا الربع الخصيب، فعلى مثلها كان يدور الخصيب، قال: فأفاح على ذلك النهر ما فاح على رياح الزهر، وأباح لي من ثمر السمر ما أتاح لناظري إهمال الخمر، إلى أن أحجم بهاء الزبرقان، وضرب إكساء فيلقه المشرقان المشرقان، وحين شرف الشفق، وبقي من القمر الرمق، حاول التسيار واستقبل المسار، وحاسمني محاسمة من سار، وألبسني سرابيل الأسف وسار.
المقامة الرابعة عشرة الزرندية
1 / 32