الْقَاسِم الْبَغَوِيّ وَأبي إِسْحَاق الهُجَيْمِي وَأبي الطّيب الطَّبَرِيّ رضى الله عَنْهُم
الثَّالِث يَنْبَغِي أَن لَا يحدث بِحَضْرَة من هُوَ أولى مِنْهُ لسنه أَو علمه أَو غير ذَلِك وَقيل لَا يحدث فِي بلد فِيهِ من هُوَ أولى مِنْهُ وَإِذا طلب مِنْهُ مَا يُعلمهُ عِنْد أولى مِنْهُ أرشد إِلَيْهِ لِأَن الدّين النَّصِيحَة وَلَا يمْتَنع من تحديث أحد لعدم صِحَة نِيَّته فَإِنَّهُ يُرْجَى لَهُ تصحيحها وليحرص على نشره ويبتغي جزيل آجره
الرَّابِع إِذا أَرَادَ حُضُور مجْلِس التحديث تطهر وتطيب وسرح لحيته ثمَّ يجلس مُتَمَكنًا بوقار فَإِن رفع أحد صَوته زبره رُوِيَ ذَلِك كُله عَن مَالك ﵀ وَكَانَ يكره أَن يحدث فِي الطَّرِيق أَو هُوَ قَائِم أَو مستعجل وَيقبل على الْحَاضِرين كلهم إِذا أمكن وَلَا يسْرد الحَدِيث سردا لَا يدْرك بَعضهم فهمه ويفتتح مَجْلِسه ويختمه بتحميد الله تَعَالَى وَالصَّلَاة على رَسُوله وَدُعَاء يَلِيق بِالْحَال قَالَ بَعضهم بعد قِرَاءَة قارىء حسن الصَّوْت شَيْئا من الْقُرْآن
الْخَامِس يَنْبَغِي للمحدث الْعَارِف عقد مجْلِس لإملاء الحَدِيث فَإِنَّهُ أَعلَى مَرَاتِب الرِّوَايَة لِأَن الشَّيْخ يتدبر مَا يمليه وَالْكَاتِب يُحَقّق مَا يَكْتُبهُ وَالْقِرَاءَة من الشَّيْخ أَو عَلَيْهِ رُبمَا غفل فِيهَا أَحدهمَا ويتخذ مستمليا محصلا متيقظا يبلغ عَنهُ إِذا كثر الْجمع كَمَا كَانَ جمَاعَة من الْحفاظ يَفْعَلُونَ ويستملي مرتفعا على مَكَان وَإِلَّا قَائِما وعَلى الْمُسْتَمْلِي تَبْلِيغ لَفظه على وَجهه وَفَائِدَة الْمُسْتَمْلِي تفهيم السَّامع على بعد وَمن لم يسمع إِلَّا الْمبلغ لم تجز لَهُ رِوَايَته عَن الشَّيْخ المملي إِلَّا إِذا بَين الْحَال وَقد تقدم هَذَا ويستنصت الْمُسْتَمْلِي النَّاس بعد قِرَاءَة حسن الصَّوْت كَمَا تقدم ثمَّ يبسمل ويحمد الله تَعَالَى وَيُصلي على رَسُوله ﷺ ثمَّ يقبل على الشَّيْخ وَيَقُول من ذكرت أَو مَا ذكرت رَحِمك الله أَو رضى الله عَنْك وَكلما ذكر النَّبِي ﷺ صلى عَلَيْهِ وَكلما ذكر الصَّحَابِيّ ترْضى عَنهُ ويثني الْمُحدث على شَيْخه
1 / 107