وأخرج البخاري، ومسلم حديث علي، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سرية واستعمل عليهم رجلا من الأنصار، وأمرهم أن يسمعوا له ويطيعوا، فعصوه في شيء، فقال: اجمعوا لي حطبا، فجمعوا له فقال: أوقدوا نارا، فأوقدوا، قال: ألم يأمركم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن تسمعوا وتطيعوا؟ قالوا: بلى، قال: فادخلوها، فنظر بعضهم إلى بعض، وقالوا: إنما فررنا من النار !! فكانوا كذلك حتى سكن غضبه، وطفئت النار، فلما رجعوا ذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: ((لو دخلوها لم يخرجوا منها أبدا )) ، وقال: ((لا طاعة في معصية الله إنما الطاعة في المعروف)) وأخرجه ابن حبان في (صحيحه)، وأبو داود، والنسائي، في سننهما.. إلى غير ذلك.
دلت هذه الأخبار بلفظها أن المعتبر في السمع والطاعة للإمام ولمن ولايته من الإمام من الرعية الذين تنفذ فيهم أوامره ونواهيه إنما تكون في المعروف لا في معصية الله فلا سمع لقوله ولا طاعة لأمره.
وهي مقيدة لمطلق ما في الباب، منها أن المعتبر منها إنما تكون في المعروف، وهكذا كل من تجب طاعته كالأبوين والزوج، مثل ذلك سائر الناس فيما بينهم فيمن يجب له السمع والطاعة، أن تكون في المعروف لا في معصية الله، فلا سمع ولا طاعة، سواء كان في سفك دم حرام أو هتك عرض أخيه المسلم أو حرمته، أو نهب ماله أو غير ذلك مما فيه معصية الله.
Página 101