أما الكاهن فقد لبث في موقفه إلى أن توارى الرجل فانصرف عائدا ومشى جان في أثره مستهديا إليه بثوبه الأبيض؛ فإن القمر كان على وشك المغيب.
وكان الكاهن يسير مسرعا إلى جهة الخرابات، فما شكك جان أن الكنز مدفون تحت خرائب هيكل سيوا، وما زال في أثره حتى وصل إليها ورآه جان قد ولجها، ثم رأى لهبا ظهر لحظة وانطفأ، فسار جان ودخل إلى تلك الخرابات؛ فأدرك الكاهن وهو جالس بين أدغال متكدسة من الأعشاب اليابسة وقد أخذ قطعتين من الخشب الجاف وحك الواحدة بالأخرى حكا متصلا حتى خرج منهما اللهب فألقاهما بين الأعشاب اليابسة، وحسب جان أنها ستلتهب من فورها، ولكن اللهب الذي ظهر من الخشبتين توارى في الحال وساد الظلام.
وعند ذلك اضطجع الكاهن فوق الأعشاب على وجهه وصاح قائلا: أيتها العذراء حارسة الكنز هل أنت ساهرة؟
فسمع جان صوتا من جوف الأرض لم يتبينه. أما الكاهن فإنه ألقى الكيسين فوق الأعشاب الواحد تلو الآخر، وخرج من تلك الخرابات.
وقد حبس جان أنفاسه كي لا يسمع الكاهن صوت خفوق قلبه حين مر به دون أن يراه وجعل جان يقول في نفسه: ما زالت الأعشاب لم تحترق فلا شك أنها تستر مدخل الدهليز وأن الخشبتين اللتين ألقاهما الكاهن إنما هما إشارة متفق عليها.
وقد صبر نحو ربع ساعة، وخطر له أن ينبه شمشون بالصفير، ولكنه خشي أن ينبه إليه الأفكار، ثم ذهب إلى تلك الأعشاب بعد أن وثق من انصراف الكاهن، وجعل يزيحها عن مواضعها؛ فانكشف له ثقب ضيق، ولكنه يتسع لمرور إنسان فيه.
وكان هذا الثقب مدخل دهليز في جوف الأرض، وهذا الدهليز كثير الانحناء يشبه السلم، فقبض جان على خنجره ودخل من ذلك الثقب، وجعل ينزل في الدهليز حتى انتهى إلى أرض رطبة مستوية.
وقد رأى عند ذلك نورا عظيما يشبه أنوار المشاعل، وسمع صوت امرأة تغني باللغة الهندية فتقول: أنا ابنة ساشديفا حارسة الكنز.
قضى علي الكهنة أن أعيش كل حياتي في جوف الأرض، وأن أعيش بجانب ذهب وجواهر لا فائدة لي منها.
قضوا علي أن لا أرى وجه السماء وأشعة الشمس، وأن لا أشم عطر الأزهار.
Página desconocida