وقد قالت له ذلك بلهجة الآمر، فطاش صواب ليونيل وخرج خروج القانطين وهو يقول: إني سأقتل المركيز روجر. •••
كان المركيز دائم الاضطراب بعد تلك المحادثة التي جرت له في تلك الجمعية السرية، فكانت سينتيا تتمثل له بكل مخيل ويسمع صوتها تقول: إنه ولدي. بلهجة لا تخرج إلا من أفواه الأمهات.
وكان الطبيب بولتون كتب إليه في اليوم التالي يخبره أنه سافر إلى أرلندا لشأن عائلي مستعجل، فخامر المركيز شك، وأراد أن يستجلي الحقيقة، فركب مركبته وذهب إلى مستشفى المجانين في بلدام وهو يقول في نفسه: إني أريد أن أرى هذه المرأة التي تدعي أنها أمي.
وهناك قابل المدير وقال له: هل أستطيع مقابلة الطبيب بولتون أحد أطباء المستشفى؟
قال: إنه ليس من أطبائه يا سيدي، وليس له به أدنى اتصال.
فذهل المركيز وقال له: ألا يوجد عندكم امرأة مجنونة تدعى سينتيا؟
قال: لا أعلم؛ إذ يوجد عندنا تسعمائة امرأة، وسأراجع السجل. كم يبلغ عمرها؟ - نحو الأربعين. - ما هو نوع جنونها؟ - إنها تتوهم كونها أمي. - هذا محال يا مولاي. فلو دخلت إلى المستشفى امرأة تدعي هذه الدعوى على فخامتكم لعلمت بأمرها في الحال، ومع ذلك فسأرى.
وقد أخذ ينظر في سجل ضخم بينما كان المركيز يناجي نفسه فيقول: ترى ألعل هذه المرأة قالت الحق؟
وعند ذلك خطرت له بسرعة التصور كل حوادث حياته، فذكر الوشم الذي كان على كتفه، واهتمام بولتون بإزالته، ومخاطرة الناباب عثمان بحياته في سبيل حمايته، واحتجاب بولتون بعد تلك الحادثة، ونظرات تلك المرأة الحنونة التي كانت تدعي أنها أمه، وصياحها تلك الصيحة المنكرة حين سمعت الأعضاء يحكمون عليه بالموت؛ فزاد به الشك، ولا سيما بعد أن أخبره المدير أن هذه المرأة لم تدخل إلى المستشفى، وعاد إلى منزله وهو في أشد حالات اليأس، وقد خجل من نفسه حتى إنه لم يعد يجسر على الذهاب إلى النادي، وكتب إلى نائبه في قيادة الفرقة أن يتولى عنه شئونها، وبحث بحثا دقيقا عن عثمان فلم يجده.
فبينما هو جالس في غرفته في تلك الليلة دخل إليه خادم ينبئه بقدوم ليونيل، فقال له: ليدخل.
Página desconocida