فلم يكترث به «أفراسياب» لما يعلم من تحصين مدينته، بل أمر بإغلاق الأبواب وتحصينها وتحفظها وإبقاء الأفراح على ما هي عليه من ضرب آلات الطرب، وشرب بنت الحان بكاسات الذهب آمنين من متانة الحصون، وتحفظ الأسوار، وقد هزأ «أفراسياب» بكورش وجيشه، وأعماه الله عن تدابيره؛ لأن «كورش» لما رأى منه عدم الاكتراث خاف على محبوبته من أن تهلك نفسها، أو تسلم لهذا العاتي، فاختلى «بروبير» كاتم أسراره، وقال له: يا «روبير» - بعد أن شكا له ما يقاسيه من الوجد - أخاف ان تكون هذه الطبول والأفراح التي داخل المدينة لأجل زواج الملك «بشاهزنان».
فقال: يا سيدي، إن «شاهزنان» تفضل الهلاك على أن تسلم نفسها لمن تكرهه، وفي قلبها شخص آخر.
قال: وهذا الذي أخشاه، وربما أجبرها اليأس على إهلاك نفسها، فأموت أسى وحسرة. دبرني كيف العمل؟! ومن أين المنفذ لهذه المدينة؟
قال: يا سيدي، دعني أطوف حول الأسوار في هذه الليلة لعلي أجد لها حيلة.
قال: قم وأنا معك على بركة الله، والله ثالثنا يدبرنا كيف يشاء.
قال: فليكن ذلك خفية عن عيون الناس.
ولما جن الليل ركب الملك وفي ركابه «روبير»، وطاف حول المدينة من كل جهة، فلم يجدا لهما حيلة لهذا الأمر العظيم، فقال الملك بعد تفكر قليل: أنا لي رأي واحد إن صح هذا دخلنا المدينة بكل سهولة بإذن الله.
قال: كيف ذلك يا مولاي؟
قال: أن نحول ماء النهر الذي يشق المدينة، وتدخل منه الجنود بعد أن تشف منه المياه.
قال: هذا رأي حسن!
Página desconocida