المضمرات والظروف والمجرورات ومن نحوه قوله تعالى: "وكانوا فيه من الزاهدين " وقوله تعالى: "إنى لعملكم من القالين " ولكون هذا فى صلة الموصول تكلف بعض النحويين فى تعلقه تقدير اسم فاعل يفسره ما بعد الموصول وإذا حقق رجع إلى الأول قال سيبويه ﵀: "كأنهم يقدمون الذى هو أهم لهم وهم ببيانه أعنى ".
وآية البقرة قد تقدم قبلها قوله تعالى: "يا أيها الناس كلوا مما فى الأرض " وقوله نعالى: "يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم "، فورد تعريفهم بذكر ما أبيح لهم وورد ما يقصد إيجابه وندبيته وإن كان إنما يراد بها هنا الاباحة مفتتحا بنداء المخاطبين ومعقبا فيه ما أعملوا بإباحته لهم بالأمر بالشكر الجليل تلك النعمة وعظيم التوسعة فيها من قوله تعالى: "مما فى الأرض " وقوله "من طيبات ما رزقناكم " فلتوسعة الإحسان والإنعام ما أمروا بالشكر.
فلما تحصل بهذه المقاصد الجليلة ما ليس فى شئ من تلك المواضع والآيات الأخر وخص ما ذكره بعد بما حرم عليهم بكلمة "إنما " المقتضية الحصر والرافعة لضعف المفهوم حسب ما تقرر من الأصول إذ ليس قوله "إنما الولاء لمن أعتق " مثل قوله "فيما سقت السماء العشر "، "وفى سائمة الغنم الزكاة " فى قوة المفهوم المسمى بدليل الخطاب فلما تحصل فى هذه الآية ما أشير إليه من تأكيد هذا المحرم ما ليس فى الآى الأخر ناسبه تقديم المضمر المجرور فى قوله "وما أهل به لغير الله " ليكون الكلام بتقديم المجرور بقوة أن لو قيل: إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير والمهل به لغير الله وهذا مقصود الكلام ولم يكن تأخير المجرور ليحرز هذا الذى قدرناه ولا ليناسب ما تقدم فجرى الكلام كله من أول القصة إلى آخرها على أسلوب من البلاغة ملحوظ فى آخره وأوله.
أما الآى الأخر فليس
فيها ما ما فى هذه فتأخر الضمير المجرور إلى محله الذى هو موضعه إذ لم يقصد هذا القصد ولم يكن ليلائمه التقديم ولهذا المجموع وما جرى فى الآية من الإطناب الجليل أعقب هذا الكلام بقوله "فلا إثم عليه " ليناسب ما ذكر ووقع الاكتفاء فى غيرها بما فيها كل ذلك على ما يناسب وهذا هو الجواب عن السؤال الثانى.
والجواب عن السؤال الثالث: إن الله ﷾ لما قدم فى آية الأنعام وجرى من قدم ذكره وتعنيفهم بقوله "أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بهذا فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم ".
أتبعه بقوله " قل لا أجد فى ما أوحى إلى محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير " ثم قال "فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك ...
" وهذا
1 / 58