[الحسد]
وإياك والحسد فإن للحسد نفرة على صاحبه مضرة، فأبرده عند اضطرام تسعره، بكثرة التبكيت، وتعريفه صغر صاحبه الممقوت.
يا بني فإن الحاسد لا يدرك في حسده نقيرا، ولو أزيح عن المحسود ما حسده عليه لم يظفر منه قطميرا، وليس من أحد من المخلوقين إلا وعليه من الله نعمة ظاهرة أو مكتتمة، أصناف مقتسمة، صغير ما يولي الله العبد منها ويبليه، ويهب له ويعطيه، منصحته، وطول عافيته، وما يصرف عنه من البلوى، خير له من ما بين الأرض والسماء. يا بني: وكم من ذي نعمة متجددة، يحسده من دونه على نعمة منتكدة، ولو أشعر نفسه ما يجب عليه من شكر المنعم، كان ذلك أزيد للنعم وأصرف للملم.
وفي الحسد ست خصال:
* طول الاغتمام بما لا يجدي.
* وكثرة الاهتمام بما لا يغني.
* وتكدير المعاش.
* والخساسة عند الأخيار والأوباش.
* وحرقة القلب.
* ومضآدة الرب.
واعلم يا بني: أن البغي دآء لا دوآء له، فمن كثر في المحظوظة تشككه، طال في البغي محكه، والبغي فرع الحسد الأعظم، وبه تحل النقم، وتزلزل القدم، والباغي مخذول، مفلول، والمبغي عليه بالخبر عن الله مؤيد بتعجيل النصرة، في الدنيا والآخرة، فإياك والبغي أن تلهج به فتكون صريعه الذي لا ينتشع، وقتيله الذي لا يمتنع.
Página 193