يا بني: والمروءة غير مبيعة بثمن ربيز، ولا حرز حريز ولا مطلب عزيز، ولو لم يدركها الرآئمون، إلا بجزيل ما يطلبها به الطالبون، لكان ما تعيد وما تبدي، أجزل منه وأوفر في العواقب والبدي، ولو كانت لا توجد إلا في أبعد الأمصار، أو في لجج البجار، بالقناطير المقنطرة من الأمور الكبار، لكان الواجب على ذوي العلم بخطرها، والمعرفة بقدرها، التعلق بأغصانها، والبذل للنفيس من أثمانها . لكنما اشتملت عليها داياتك، وحبيت عليها مستكناتك حتى تبثها عنك إذاعتها، وتشيع لك فضيلتها، بأن تمسك عن الأمر المردي، وتعرض عن القبيح الذي لا يغني، وتملك نفسك فيما ملكت، من كبار الأمور وصغارها. تم ربع كتاب المكنون بمن الله وعونه، وحسن توفيقه.
Página 191