Manuscritos de las Obras de Teatro de Abbas Hafez: Estudio y Textos
مخطوطات مسرحيات عباس حافظ: دراسة ونصوص
Géneros
القاهرة في 25 / 5 / 1942
حضرة صاحب المقام الرفيع وزير الداخلية
ألتمس النظر في شكواي هذه بعين العطف الذي طالما غمرتموني به وشددتم أزري بفيضه في أيام المحن وشدائد الجهاد: (1)
يبلغ مجموع مدة خدمتي الحكومية المحسوبة في المعاش نحو 28 سنة قضيت منها في الدرجة الثامنة 14 سنة وفي السابعة 3 سنوات وفي السادسة 5 سنوات وفي الخامسة 6 سنوات. وأعدت إلى الخدمة في شهر مارس الماضي ثم رقيت في دوري إلى الدرجة الرابعة من أول أبريل، وكان ينبغي الاحتفاظ بأقدميتي في الدرجة الخامسة فيجعل تاريخ ترقيتي الأخيرة من أبريل سنة 1940. ولكني فقدت سنتين مع هذه الترقية العادية التي جاءت بعد فصلي وإحالتي إلى المعاش بلا ذنب جنيته غير عقيدتي السياسية، وإن كانت فضيلة تقرها أبسط مظاهر الحريات وحقوق الإنسان. (2)
ومع ترقيتي الأخيرة لم يتجاوز راتبي ثلاثين جنيها ونصف جنيه، أي دون أقل مربوط الدرجة بنحو خمسة جنيهات. ويبلغ صافي المرتب حوالي 22 جنيها، بعد الاستقطاعات المقررة واستبعاد نحو 6 جنيهات نظير الاستبدال النقدي لجزء من المعاش في الأربع سنوات التي قضيتها مبعدا عن وظيفتي بسبب الحزبية الطاغية. (3)
وقد كنت من القلائل الذين حوربوا أكثر من مرة في رزقي ورزق أولادي بسبب عقيدتي الوطنية؛ ففصلت من وظيفتي في سنة 1930 وشردت تشريدا في العهد الصدقي، وقدمت إلى القضاء عدة مرات وقاسيت المحن مختلفات، ثم فصلت في أعقاب الحكومة الوفدية في فبراير 1938. وبلغ مجموع المدة التي قضيتها طريدا من وظيفتي في هاتين المرتين نحو عشر سنوات، وهي فترة لا يستهان بها في أدوار عمر الإنسان، ودليل على شناعة الحزبية التي نكبتني في مادة حياتي وأصابت أسرتي وأولادي الأبرياء بأشد البلاء. (4)
ولم يكن عملي في الحكومة عاديا منذ دخلت خدمتها، فإن الأربعة عشر عاما التي قضيتها في وزارة الدفاع بالدرجة الثامنة - وهي الدرجة الدنيا في السلم الحكومي - كانت فترة إنتاج غزير لا يمكن أن ينتجه مستخدم في هذه الدرجة الصغيرة، فقد اشتغلت فيها بترجمة القوانين وتعريب كتب التعليم والفنون العسكرية، وهو عمل كان يؤديه وكيل إدارة قبل أن أتولاه، ولا تزال الكتب الفنية التي نقلتها إلى العربية في ذلك العهد مراجع في الجيش إلى الآن. وقد نقلت منها في سنة 1928 إلى مصلحة التجارة والصناعة قبل تحويلها إلى وزارة بعد ترقيتي إلى درجة «ب» - المعادلة للسابعة الآن - فقمت بتحرير مجلة التجارة، وترجمت رسالة خبير الأرز، ورسالة خبير القطن، وأديت فيها عملا فنيا لا يتفق مع درجتي الصغيرة في ذلك الحين. وفي سنة 1930 نقلت إلى وزارة الداخلية في إدارة المطبوعات حيث قمت بعمل يتصل بالصحافة، ولم أكن يومئذ تجاوزت الدرجة السادسة، ولكن فصلت لعقيدتي السياسية في تلك السنة، وعانيت الشظف وصنوف البلاء خمسة أعوام متوالية حتى أعدت إلى الخدمة في سنة 1935، ولكني لم أكد أستقر وأنقه من صدمة الفصل خمسة أعوام أو تزيد حتى فصلت مرة أخرى فجأة وبلا سابق تمهيد أو أقل نذير. وفي السنتين الأخيرتين كان معاشي قد وصل إلى نحو خمسة جنيهات وهي لا تكفي لمستخدم صغير، فضلا عن رجل متزوج ووالد بنات وبنين. (5)
ثمانية وعشرون عاما في خدمة الحكومة، والعمل الممتاز والتفاني في المصلحة العامة، وإيثار خير الوطن على المنفعة الشخصية، ولم تتجاوز ماهيتي بعد كل ذلك، ورغم الأهوال والنكبات التي امتحنت بها، ثلاثين جنيها مع مكانتي الملحوظة في النهضة الثقافية، ومساهمتي من ثلاثين سنة في تغذية الأدب والحرية الفكرية في البلاد. وهي معاملة من الدولة قاسية بلا شك، ولا ترضاها حكومة الشعب لكاتب مفكر ووطني مخلص خاض أشد المحن وصنوف البلاء. (6)
لهذا رأيت أن ألجأ إلى رفعة الرئيس الجليل ملتمسا تسوية حالتي من بداية خدمتي إلى الآن لوضعي في الدرجة الثالثة بأقصى مربوطها حتى لا تقتل روح التضحية إذا هي لم تجد حسن التقدير.
وكتب النحاس باشا حاشية أسفل الشكوى، قال فيها: «حضرة الأستاذ الكبير معروف بصدق بلائه في الأدب وله مكانة عظيمة في عالم القلم، وهو من المعروفين بالوطنية الصادقة، فتكتب مذكرة للعرض بإجابة طلبه.» وبالفعل ينصف النحاس الباشا عباس حافظ ويصدر قرارا بترقيته إلى الدرجة الثالثة.
Página desconocida