Maquinaciones de Amor en los Palacios de los Reyes
مكايد الحب في قصور الملوك
Géneros
ليس من الضرورة أن تكون تربة الثروة والجاه والقوة أصلح لإذكاء غرس الفضيلة، من تربة الفقر والضعة والضعف. بل كثيرا ما تكون هذه أصلح من تلك. فنرى من مظاهر خصب الفضائل والآداب في خصاص الصعاليك والوضعاء الضعفاء ما لا نجد له أثرا في صروح أرباب الصوالجة والتيجان وأصحاب السؤدد والشرف .
ثانيا:
ليس من الضرورة أن تكون قصور الملوك والأمراء والأغنياء والعظماء - على فخامتها ورحبها - أعذب موردا وأخصب مسرحا ومرتعا للسعادة من بيوت عامة الناس، بل قد يكون أهل هذه أسعد حالا وأنعم بالا من سكان تلك. وقد لا تجد داخل تلك القصور إذا جست خلالها واستبطنت أحوالها سوى نكد العيش واستفحال البؤس والشقاء.
ثالثا:
أن المال والجمال - وهما من خير النعم والبركات التي أسبغها الله على عباده في هذه الحياة - قد يصيران من شر النقم واللعنات إذا أساء الإنسان استخدامهما ولم يحسن استعمالهما، فيتحول دسمهما إلى سم ولذتهما إلى عذاب وألم.
أسعد خليل داغر
حبيب إمبراطورة
كانت القيصرة كاترين الثانية إمبراطورة روسيا في مقدمة الذين امتازوا في القرن الثامن عشر برفعة القدر وعظمة الشأن وغموض الأخلاق وغرابة الأطوار. ويقول عنها أحد المؤرخين إنها كانت منذ صباها إلى يوم وفاتها عانية بكمال الخضوع والاستسلام لشهوتين تملكتاها، ولم تستطع الانفلات من قيودهما؛ إحداهما عشق الرجال، والثانية شدة الشغف بالمجد. وهذا الشغف أسرفت فيه حتى أفسدته، فتحول إلى غرور وباطل. وقد ظلت أربعين سنة، منذ أورق غصن بهائها النضير، وأشرق بدر جمالها المنير، إلى أن عراها الذبول والأفول بيد الموت؛ وهي منبعثة كل الانبعاث في اقتناص الرجال بشبكة عشقها وغرامها. فكان لها من العشاق سلسلة متصلة الحلقات. وقد قربت كلا منهم إليها في حينه، وأسبغت عليه ما شاء من الحب والغنى والجاه والسلطان، وكانت تقصيهم وتستبدل بهم غيرهم كلما عن لها ذلك كما تفعل في تغيير ملابسها.
وربما لم يقم في الأرض امرأة مثلها في تناقض الخلال وتغاير الصفات. وكان فولتير في طليعة الذين انغمسوا في حمأة الخنوع لها. وهاك بعض ما يصفها به: «كانت أكبر عظيم في أوروبا بلا مدافع ولا منازع. فنفسها محيطة علما بكل الأشياء، وعقلها مدرك كنه القوى جميعها؛ فهي معلمة الفلاسفة، وأوسع معرفة وحكمة من أعضاء مجمع العلوم. إنها ملاك كريم يجب أن يقابله الناس بالخشوع والسكوت. وحيثما أقامت فجنة خالدة ونعيم مقيم.»
وهذه المخلوقة السامية التي يعدها فولتير مجلى الكمال في كل ما يروق العين ويشوق النفس، ويفضلها على جميع سابقيها ومعاصريها من الملوك والقياصرة والعلماء والفلاسفة، تخلت عن الاهتمام بشئون إمبراطوريتها، متفرغة للاستمتاع بأهواء الجسد الفاسدة وشهوات النفس السافلة، غير موجسة خوفا من انتقاد الناس ولا من عقاب الله.
Página desconocida