--- فإن قتل أحد ولا نعلم ذلك بغير أن يعلم بالذمة، فعلى المدعي لذلك البينة، وعلى بيت المال ضمان ذلك، ولا يضيع الله تعالى على أيدينا حقا من الحقوق، ولا يلزمنا ما ينسب إلينا, ويتجنى علينا, ولا يحل لمسلم أن يعتقد ذلك فينا، وكيف يعتقده ونحن نبرأ إلى الله منه؟!
وعليك البحث وعلينا الإنفاذ للأحكام الشرعية، وليس لك أن تصدق بكل ما تسمع فينا، ولا أن تجعل الأصل جنايتنا وعصياننا، بل تجعل الأصل ما جعله الله عز وجل وهو الإسلام في دار الإسلام، ودع عنك التعسف وقبول كل كلام، فإذا تحققت المعصية فعليك الإنكار بالتلطف والكلام اللين، قال تعالى لموسى وهارون وهما أفضل أهل زمانهما, حين أرسلهما إلى أخبث أهل زمانه، وأهل كل زمان: { فقولا له قولا لينا } , وقد علم تعالى أنه لا يقبل اللين ولا القاسي، وإنما ذلك للإعذار والتلطف في الأمر كله، والتأديب لعباده، ولا تطلب بهذه النصيحة إلا ما يختصك لنجاتك وخلاصك, بينك وبين الله عز وجل لا لأمر يرجع إلينا، فما ذلك بضآر لنا, ولا مخل علينا، نحن لا نعتصم إلا بالله، ولا نرجع إلا إليه، ولا نعتمد إلا عليه، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
ولو أعاننا الناس بنفوسهم, لسهلت علينا الأمور وعليهم، ولسلموا من الذنوب، ولكنهم أطاعوا الهوى وأساءوا الظنون، وتحملوا من الأمر ما لم يأمر به الله عز وجل, مع سماعهم لقوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن أثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعض أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه } , فالله تعالى نهى عن ظن السوء, وزجر عن الغيبة وشبهها بالميتة.
Página 49