شرفَ الدُّنيا والآخِرة، ولبَّسَهم هذا الاسم هِبَةً مِنْهُ لَهُم وَجَزَاءً على فِعْلِهِم عاجلًا وَآجِلًا. قال الكُمَيْتُ في ذَلِكَ:
هِجْرَةٌ حُوِّلت إلى الأوْسِ والخَزْ … رَجِ أَهْلُ الفَسِيلِ والآطام
عِزُّ دُنْيا مُحَالِفًا واسْمُ صِدْقٍ … باقِيًا مَجْدُهُ بقاء السلامِ (^١)
يَعْني هِجْرَتَهُ إلى المدينَةِ حُوِّلت عَن الدُّنيا إلى الأوْسِ والخَزْرج فهُمُ الأنْصَارُ (^٢).
المَرْحومَة: الرَّحْمَة، والرَّحَمَة، بالتَّحْرِيك، والرُّحْمِ والرُّحُمُ والمَرْحَمَةُ، كُلُّ ذلك بِمَعْنَى، وهو الرِّقَّةُ والمَغْفِرَةُ والتَّعَطُفِ (^٣).
يقال: رَحَّمَ عَلَيْهِ تَرْحِيمًا، وترحَّمَ عَلَيْهِ تَرَحُّمًا، والأولى الفُصحى (^٤). والاسْمُ: الرُّحْمَى بالضّمّ، كَبُشْرَى، والرَّحْمَةُ أيضًا: النُّبُوَّةُ، قِيلَ: ومِنْهُ قوله تعالى: ﴿يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ﴾ (^٥).
وهذا الاسم مِن الأسْماءِ التي سمَّاها الله تعالى به في الكُتُب السَّماوِيَّةِ فيما رُوِّيْنا عن إبراهيم بن يحيى أنَّهُ قال: للمدينة في التَّوراةِ أحَدَ عَشَر اسْمًا، المدينة، وطَيْبة، وطابَة، والمَسْكِينَة، وجابِرَةٌ، والمجبورة، والمَرْحُومَة، والعَذْراء، والمُحَبَّةُ، والمحبوبَة، والقاصِمَةُ. وقد تَقَدَّم في ترجمة العذراء.
(^١) ديوانه ٤/ ١٧٦، شرح هاشميات الكميت ص ٢٨، والفسيل: النخل الصّغار. القاموس (فسل) ص ١٠٤٢، والآطام: الحصون. القاموس (أطم) ص ١٠٧٦، والسِّلامُ: الحجارة. القاموس (سلم) ص ١١٢١.
(^٢) زاد السمهودي في أسماء المدينة ممَّا أوله حرف القاف: قرية رسول الله، قلب الإيمان. وفاء الوفا ١/ ٢٠.
(^٣) القاموس (رحم) ص ١١١١.
(^٤) القاموس (رحم) ص ١١١١.
(^٥) سورة (آل عمران): آية ٧٤.