أو المتسبب، والتزامه بالتعويض عن الضرر ولو كان عن خطأ. فإن كان عن عمد يوجب أيضا عقوبة الفاعل. وهذا المبدأ تضمنه الحديث النبوي القائل: "لا ضرر ولا ضرار"(1) . وهذا غير ما توجبه الشريعة من التزامات أخرى مصدرها الإرادة المنفردة كالوقف، أو إرادة الشارع كنفقة الأقارب.
وقد اعتبرت جميع الالتزامات مضمونة بتأييد القضاء. فللقاضي سلطة واسعة لا حدود لها في إجبار كل إنسان على تنفيذ التزامه ولو كان هو الخليفة. وحوادث قضاء القضاة على الخلفاء والملوك معروفة كثيرة في التاريخ الإسلامي.
- في العقود: اقرت الشريعة الإسلامية في العقود الأسس التالية: أولا - العقد المشروع ملزم لعاقده دون غيره كما أن إقرار الشخص لا يسري إلا على نفسه وحقوقه. والتزام العاقد ينتقل إلى من يخلفه كالوارث أو الموصى له . وهذا المبدأ تضمنته الآية القرآنية في أول سورة المائدة : (يكأيما الذيب امنوا أوفوا بالعقود ).
ثانيا - الشروط العقدية حرة وملزمة للعاقدين إلا ما يخالف النظام االعام والآداب، وهذا المبدأ تضمنه الحديث النبوي: "المسلمون عند شروطهم إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا"(2) (ر: ف 2/10 الحاشية) .
(1) رواه مالك في "الموطأ" 745/2 عن عمرو بن يحيى عن أبيه مرسلا في الأقضية ، باب القضاء في المرفق، ورواه ابن ماجه من حديث عبادة بن الصامت (2340)، وفيه انقطاع. ومن حديث جابر الجعفي (2341) وهو ضعيف . ورواه الدارقطني والحاكم والبيهقي من حديث أبي سعيد الخدري. قال النووي في (الأربعين) في الحديث 32: له طرق يقوى بعضها ببعض. وقال ابن الصلاح: هذا الحديث أسنده الدارقطني من وجوه ومجموعها يقوي الحديث ويحسته . وقد تقبله جماهير أهل العلم واحتجوا به .
(2) أخرجه الترمذي (1352) في الأحكام، وقال : حديث حسن صحيح، وأبو داود (3594) في الأقضية وسنده حسن، كلاهما بلفظ : "المسلمون على شروطهم" إلا أن ابا داود انتهت روايته عند قوله: فشروطهم".
Página 56