Macarij Quds
معارج القدس
Editorial
دار الآفاق الجديدة
Número de edición
الثانية
Año de publicación
١٩٧٥
Ubicación del editor
بيروت
قُلْنَا إعلم ان النَّفس فِي ذَاتهَا جَوْهَر لَيْسَ بمركب الذَّات إِذا أَخذ مَعَ تِلْكَ الملكة الْحَاصِلَة والاستكمال انما يكون من خَارج فَلَيْسَ هُوَ من حَيْثُ يُؤثر يتأثر وَلَا من حَيْثُ يفعل ينفعل وَكَأن هَذَا الاستكمال يفعل فِي جَوْهَر النَّفس صورا فَهُوَ من حَيْثُ أَنه يتَصَوَّر بهَا النَّفس استكمال وَمن حَيْثُ انه يتَمَكَّن بهَا من الِاطِّلَاع على صور أُخْرَى معقولة قُوَّة وَمن حَيْثُ هِيَ لَازِمَة لَا مقومة وَلَا طارئة السُّؤَال السَّادِس عشر
فان قيل قد أثبتم بالبرهان أَن النَّفس من المفارقات فَكيف تنْتَفع بِالْبدنِ وَمَا فِيهِ من الْحس والخيال وَكَيف تكتسب الْعُلُوم بِوَاسِطَة قُوَّة التخيل وَتحصل الْفَضَائِل وتكتسب الرذائل بِوَاسِطَة القوى الْبَدَنِيَّة وَكَيف تُؤثر الطَّاعَات والمواظبة على الْعِبَادَة فِي التَّنْوِير والتصفية وَكَيف تُؤثر الْمعاصِي والانهماك فِي الشَّهَوَات حَتَّى يرتقي مِنْهَا ظلمات إِلَى النَّفس فَيبْطل بهَا الاستعداد الفطري
قُلْنَا هَذَا سُؤال شرِيف والانفصال عَنهُ أشرف مِنْهُ وَإِعْطَاء الْبُرْهَان فِي ذَلِك مُشكل وَإِنَّمَا الطَّرِيق فِيهِ الوجدان والعرفان يَقِينا وَالنَّفس خلقت بالفطرة مستعدة للعلوم والعلوم تحصل فِيهَا بالتدريج فَلَا بُد من اسْتِعْمَال الْفِكر والخيال كَمَا قدمنَا وكما نذْكر بعد ذَلِك من انْتِفَاع النَّفس بالقوى
اما تَأْثِير الطَّاعَات والمعاصي فِي التَّنْوِير والاظلام فَذَلِك لِأَن سَعَادَة النَّفس وَكَمَال جوهرها ان تكون مولية وَجههَا شطر الْحق معرضة عَن الْحَواس منخرطة فِي سلك الْقُدس مستديمة لشروق نور الْحق فِي سرها فَكل مَا يكون مَانِعا من ذَلِك يكون حاطا لَهَا عَن درجتها وتقدر بِقدر مَا تعرض عَن حَضْرَة الْجلَال والالتفات إِلَى جَانب الْقُدس بِاتِّبَاع الشَّهَوَات تعرض عَنْهَا الْأَنْوَار الآلهية
1 / 74