Señales de cercanía en la búsqueda de la responsabilidad

Ibn Ukhuwwa d. 729 AH
66

Señales de cercanía en la búsqueda de la responsabilidad

معالم القربة في طلب الحسبة

Editorial

دار الفنون «كمبردج»

إنْ سَلَّمَ، وَعَرَّفَ الْمُعَامَلَ أَنَّهُ زَائِفٌ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ الْإِثْمِ فَإِنَّهُ لَيْسَ يَأْخُذُهُ إلَّا لِيُرَوِّجَهُ عَلَى غَيْرِهِ، وَلَا يُخْبِرُهُ، وَلَوْ لَمْ يَعْزِمْ عَلَى ذَلِكَ لَكَانَ لَا يَرْغَبُ فِي أَخْذِهِ أَصْلًا فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ وِزْرُ الْكُلِّ عَلَيْهِ، وَوَبَالُهُ رَاجِعًا إلَيْهِ فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي فَتَحَ ذَلِكَ الْبَابَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعُمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا، وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا لَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ» . وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنْفَاقُ دِرْهَمٍ زَائِفٍ أَشَدُّ مِنْ سَرِقَةِ مِائَةِ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ السَّرِقَةَ مَعْصِيَةٌ وَاحِدَةٌ، وَقَدْ تَمَّتْ، وَانْقَطَعَتْ، وَإِنْفَاقُ الزَّائِفِ بِدْعَةٌ تَظْهَرُ فِي الدِّينِ، وَسُنَّةٌ سَيِّئَةٌ يُعْمَلُ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ فَيَكُونُ وِزْرُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ إلَى مِائَةِ سَنَةٍ، أَوْ إلَى مِائَتِي سَنَةٍ، إلَى أَنْ يَفْنَى ذَلِكَ الدِّرْهَمُ، وَيَكُونَ عَلَيْهِ وِزْرُ مَا فَسَدَ، وَنَقَصَ مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِذَلِكَ الزَّائِفِ. الرَّابِعُ: أَنَّ الزَّائِفَ نَعْنِي بِهِ مَا لَا نُقْرَةَ فِيهِ أَصْلًا بَلْ هُوَ مُمَوَّهٌ فَإِنْ كَانَ مَخْلُوطًا بِالنُّحَاسِ، وَهُوَ نَقُدْ الْبَلَدِ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُعَامَلَةِ بِهِ، وَقَدْ رَأَيْنَا الرُّخْصَةَ فِيهِ إذَا كَانَ ذَلِكَ نَقْدَ الْبَلَدِ سَوَاءٌ عُلِمَ مِقْدَارُ النُّقْرَةِ، أَوْ لَمْ يُعْلَمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَقْدُ الْبَلَدِ لَمْ يَجُزْ إلَّا إذَا عُلِمَ قَدْرُ النُّقْرَةِ فَإِنْ كَانَ فِي مَالِهِ قِطْعَةٌ نُقْرَتُهَا نَاقِصَةٌ عَنْ نَقْدِ الْبَلَدِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُخْبِرَ بِهِ مُعَامِلَهُ، وَأَلَّا يُعَامِلَ بِهِ مَنْ يَسْتَحِلُّ التَّرْوِيجَ فِي جُمْلَةِ النَّقْدِ بِطَرِيقِ التَّلْبِيسِ فَأَمَّا مَنْ يَسْتَحِلُّ ذَلِكَ فَتَسْلِيمُهُ إلَيْهِ تَسْلِيطٌ لَهُ عَلَى الْفَسَادِ فَهُوَ كَبَيْعِ الْعِنَبِ مِمَّنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا، وَذَلِكَ مَحْظُورٌ، وَإِعَانَتُهُ عَلَى الشَّرِّ مُشَارَكَةٌ فِيهِ، وَسُلُوكُ طَرِيقِ الْحَقِّ بِأَمْثَالِ هَذَا فِي التِّجَارَةِ أَشَدُّ مِنْ الْمُوَاظَبَةِ عَلَى نَوَافِلِ الْعِبَادَةِ.

1 / 71