208

Señales de cercanía en la búsqueda de la responsabilidad

معالم القربة في طلب الحسبة

Editorial

دار الفنون «كمبردج»

قِيلَ هُوَ الْغِنَاءُ وَقِيلَ هُوَ شِرَاءُ الْمُغَنِّيَاتِ.
وَأَمَّا الْمُسْتَمِعُ لِذَلِكَ فَإِذَا صَارَ ذَلِكَ دَأْبَهُ وَاشْتُهِرَ بِهِ وَسَمِعَهُ فِي الْأَسْوَاقِ وَالطُّرُقَاتِ فَهُوَ مَرْدُودُ الشَّهَادَةِ وَأَمَّا إذَا سَمِعَهُ فِي خَلْوَةٍ اسْتِرْوَاحًا بِذَلِكَ فَهُوَ عَلَى عَدَالَتِهِ وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَأَمَّا مَنْ اشْتَرَى جَوَارِيَ يُغْنِينَ لَهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ إذَا لَمْ يُكْثِرْ مِنْ ذَلِكَ، وَلَمْ يَتَجَاهَرْ بِهِ وَأَمَّا إذَا اتَّخَذَهُنَّ لِلِاكْتِسَابِ وَيَدْعُوهُنَّ النَّاسُ إلَى دُورِهِمْ فَهَذَا مَرْدُودُ الشَّهَادَةِ وَهَذَا مِنْ الصَّغَائِرِ دُونَ الْكَبَائِرِ.
[مَسْأَلَة قَبُول شَهَادَة سَمَاع الْحُدَاة وَنَشِيد الْعَرَب]
وَأَمَّا سَمَاعُ الْحُدَاةِ وَنَشِيدِ الْعَرَبِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَأَمَّا قَوْلُ الشِّعْرِ وَإِنْشَادُهُ، فَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الشِّعْرُ كَلَامٌ حَسَنُهُ حَسَنٌ وَقَبِيحُهُ قَبِيحٌ وَالْمَحْذُورُ مِنْهُ مَا كَانَ كَذِبًا أَوْ يَضْمَنُ فُحْشًا أَوْ قَذْفًا وَأَمَّا مُنْشِدُهُ، فَإِنْ أَنْشَدَهُ إنْكَارًا عَلَى قَائِلِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ أَنْشَدَهُ اسْتِحْسَانًا لَهُ وَطَلَبًا لِلْحِفْظِ كَانَ جُرْحًا فِي حَقِّهِ وَمَعَ هَذَا فَكُلُّ مَا لَا يَحْرُمُ قَوْلُهُ لَا يَحْرُمُ سَمَاعُهُ، وَالسَّمَاعُ وَالرَّقْصُ لَيْسَ بِحَرَامٍ فِي نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا الْمُدَاوَمَةُ عَلَيْهِ خَارِقَةٌ لِلْمُرُوءَةِ.
وَلُبْسُ الْحَرِيرِ وَالْجُلُوسُ عَلَيْهِ وَلُبْسُ الذَّهَبِ وَاسْتِعْمَالُهُ حَرَامٌ وَلَكِنَّهُ مِنْ الصَّغَائِرِ وَبَالَغَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ حَتَّى قَالَ لَوْ كَانَ شُهُودُ النِّكَاحِ حَالَةَ الْعَقْدِ جُلُوسًا عَلَى الْحَرِيرِ لَمْ يَنْعَقِدْ النِّكَاحُ.
وَأَمَّا اللَّعِبُ بِالنَّرْدِ فَمِنْ الْكَبَائِرِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ حَرَامٌ لِقَوْلِهِ ﷺ: «مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ فَكَأَنَّمَا غَمَسَ يَدَهُ فِي دَمِ خِنْزِيرٍ» وَحَرَّمَ مَالِكٌ اللَّعِبَ بِهِ وَفَسَّقَ اللَّاعِبَ بِهِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ أَكْرَهُ اللَّعِبَ بِالنَّرْدِ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ صَرِيحُ التَّحْرِيمِ وَلَكِنْ نَقُولُ لَا يُمْكِنُ الِاسْتِدْلَال بِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ إنَّهُ يَكْرَهُ، فَإِنَّ كَثِيرًا مَا يُطْلِقُ الشَّافِعِيُّ الْكَرَاهَةَ وَيُرِيدُ بِهَا التَّحْرِيمَ.
وَأَمَّا اللَّعِبُ بِالشِّطْرَنْجِ فَمَذْهَبُ مَالِكٍ إلَى الْقَوْلِ بِتَحْرِيمِهَا

1 / 213