198

Señales de cercanía en la búsqueda de la responsabilidad

معالم القربة في طلب الحسبة

Editorial

دار الفنون «كمبردج»

وَالنَّاسُ كُلُّهُمْ عُدُولٌ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إلَّا مَحْدُودٌ فِي قَذْفٍ أَوْ مُجْرَى عَلَيْهِ شَهَادَةُ الزُّورِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَوَلَّى السَّرَائِرَ وَدَرَأَ عَنْكُمْ الشُّبُهَاتِ. وَبَعَثَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ قَاضِيًا إلَى الْكُوفَةِ. وَبَعَثَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ﵁ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ قَاضِيًا إلَى الْبَصْرَةِ وَوَلَّى عُثْمَانُ ﵁ شُرَيْحًا قَاضِيًا. وَالْقَضَاءُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ إذَا قَامَ بِهِ بَعْضُ قَوْمٍ سَقَطَ عَنْ الْبَاقِينَ وَهُوَ مِنْ قَبِيلِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْجِهَادِ، فَإِنْ تَرَكُوا الْقَضَاءَ أَثِمُوا الْجَمِيعُ. وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَكُونَ عَارِفًا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ وَاخْتِلَافِ السَّلَفِ فَقِيهَ النَّفْسِ يَعْقِلُ وُجُوهَ الْقِيَاسِ إذَا وَرَدَ، عَالِمًا بِتَخْرِيجِ الْأَخْبَارِ إذَا اخْتَلَفَتْ وَتَرْجِيحِ أَقَاوِيلِ الْأَئِمَّةِ إذَا اشْتَبَهَتْ وَافِرَ الْعَقْلِ أَمِينًا مُتَثَبِّتًا حَلِيمًا ذَا فِطْنَةٍ وَتَيَقُّظٍ لَا يُؤْتَى مِنْ غَفْلَةٍ، وَلَا يُخْدَعُ بِغُرَّةٍ صَحِيحَ حَوَاسِّ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ عَارِفًا بِلُغَاتِ أَهْلِ قَضَائِهِ جَامِعًا لِلْعَفَافِ نَزِهًا بَعِيدَ الطَّمَعِ عَدْلًا رَشِيدًا صَدُوقَ اللَّهْجَةِ ذَا رَأْيٍ وَمَشُورَةٍ إذَا حَكَمَ فَصَلَ لَا تَأْخُذُهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ ذَا هَيْئَةٍ وَسَكِينَةٍ وَوَقَارٍ، وَلَوْ كَانَ مِنْ قُرَيْشٍ كَانَ أَوْلَى. يُحْكَى أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ﵁ وَلَّى أَبَا الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيَّ الْقَضَاءَ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ ثُمَّ عَزَلَهُ فَقَالَ لَهُ لِمَ عَزَلَتْنِي فَوَاَللَّهِ مَا خُنْتُ، وَلَا خَوَّنْت قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ كَلَامَكَ يَعْلُو كَلَامَ الْخَصْمَيْنِ إذَا تَحَاكَمَا إلَيْك. قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ ﵁ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ

1 / 203