Con los Árabes: En la Historia y la Mitología
مع العرب: في التاريخ والأسطورة
Géneros
وانطوى عام وامتلأ رحم المرأة الخصبة، وتلاحقت الأشهر التسعة، وصاحبنا معلق النفس بين الخيبة والرجاء يعد امرأته الوعود الطيبة إن هي دفعت إليه بصبي، ويقسم لها أنها لن ترى ابنتها ساعة في الخيمة إذا ولدت أنثى.
وأقبلت الليلة التي أقبل معها المخاض، إلا أن المرأة لم تستطع أن تدفع وليدها، وأقبلت ليلة ثانية والولادة لا تزال على عسر، وكانت ليلة ثالثة، والنساء يقلن لأبي حمزة: أبشر! فما تعسرت ولادة على امرأة إلا جاءت بصبي، ولكن ادع ربك أن يهون الأمر وتسلم لك أم حمزة.
وبات صاحبنا ساهرا، يسمع صياح امرأته ولغط النساء في داخل خيمته، ويطعم النار فيحييها كلما همت بموت، وبغتة طلعت عليه ناقتان بركتا في الساحة، فقال: ليلة خير والله، ونهض إليهما، فإذا هما تعالجان الوضع، فنتجهما وتلقى فصيلين سمينين، وعاد ينتظر على ناره.
وكان في تلك الليلة أن خرج الشيخ صعصعة، جد الفرزدق الشاعر، يطلب ناقتين له أخذهما المخاض فجنتا من وجع، وانطلقتا في مدى الصحراء، فما زال به السير حتى أطل من بعد على نار تبوخ وتضيء، فحث بعيره إلى جهتها، فأقبل على صاحبنا أبي حمزة قاعدا، يعكس وجهه ظل اللهيب المتلاعب، وسمع لغط النساء داخل الخيمة وصوت امرأة تتوجع.
فحياه صعصعة وقال له: حملتني إليك نارك الموقدة وقد خرجت طالبا لي ناقتين على أهبة الوضع.
فرد أبو حمزة: ناقتاك عندنا، وقد وضعتا فصيلين، فمن تكون؟
فعرفه صعصعة بنفسه، فوثب البدوي ورحب به لعظم مكانته.
وقال صعصعة: إني لأسمع صراخ امرأة ولغط نساء، وقد أقسمت أن أعينك إن كنت في حاجة.
فأجاب أبو حمزة: إنها امرأتي تلد، وهذه ثالثة الليالي التي تعالج فيها الوضع.
وهنا ارتفع صوت امرأة تقول: خرج الوليد! خرج الوليد! فصاح أبو حمزة: إن كانت بنتا فلا سمعت صوتها، ولأحفرن لها حفرة منذ الساعة أواريها فيها.
Página desconocida