فوثب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقبل عينيه وقال: أشهد أنك رسول الله حقا، وعزم القوم على الرحيل وإذا بنفر من اليهود قد أقبلوا حتى نزلوا على بحيرا وفيهم ثلاثة من أحبارهم فقالوا: يا بحيرا إنه قد نزل هاهنا في هذه العير غلام يقال له محمد وقد عزمنا على قتله فأعنا على ذلك، فقال بحيرا: أولا تعلمون أنه نبي مرسل معروف في كتبكم؟ أولا تعلمون أنه في التوراة موذ موذ وفي الزبور: حمياطا والإنجيل: فارقليطا.
ثم أقبل على الأحبار وهم: دريس، وزرير، وثمام فقال: ويحكم كيف ذهب عليكم نعت هذا الغلام وصفته وما أحد قرأ التوراة والإنجيل والزبور إلا وقد عرفه.
فاستحيا القوم وانصرفوا، وأنشأ أبو طالب يقول في ذلك:
إن ابن آمنة الكريم محمدا ... عندي بمثل منازل الأولاد
لما تعلق بالزمام رحمته ... والعيس قد قلصن بالأزواد
فارفض من عيني دمع ذارف ... مثل الجمان مفرق الأنداد
راقبت فيه قرابة موصولة ... وحفظت فيه وصية الأجداد
وأمرته بالسير بين عمومة ... بيض الوجود مصالت أنجاد
Página 135