مباحث في التفسير الموضوعي
مباحث في التفسير الموضوعي
Editorial
دار القلم
Número de edición
الرابعة ١٤٢٦ هـ
Año de publicación
٢٠٠٥ م
Géneros
شديد في افتتاحية السورة وخاتمتها وسنذكر بعض التفاصيل لكل ذلك عند الحديث عن كل مقطع بمفرده إلا أننا اخترنا هدفًا رابعًا غير الثلاثة المذكورة، وجعلناه عنوانًا للبحث في سورة الكهف للاعتبارات التالية:
١- أن سبب النزول كشف لنا، أن الدافع لقريش لإرسال وقد إلى يهود المدينة للتحقق من صدق محمد ﷺ، هذا الدافع كان ضياع الميزان القيوم الذي يدركون به الحق من الباطل والصدق من الكذب والصحيح من الزيف.
وسبب فقدانهم لهذا الميزان انخداعهم بمظاهر كاذبة مخادعة من الحياة الدنيا وجعلها مقياس الحق والصدق والصحة.
لقد ظنوا -وساء ظنهم- أن الغنى ووفرة المال والرجال مقياس الأفضلية والسيادة والصلاح لاختيار الرسل وإنزال الوحي عليهم:
﴿وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ، وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ، أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ [الزخرف: ٣٠-٣٢] .
وهذا الغبش في تصوراتهم دفعهم للمطالبة بطرد فقراء المسلمين من مجلس رسول الله ﷺ، مما اقتضى أن ينزل القرآن الكريم لبيان حقائق الأشياء وإعطاء القيم الحقيقية لهذه المظاهر:
﴿إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا، وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا﴾ [الكهف: ٧، ٨] .
﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾ [الكهف: ٢٨] .
1 / 176