فما أحوجنا إلى نهضة تنبهنا من سباتنا العميق، وتغير مجرى حياتنا، وتفتح عيوننا للبحث والنظر، وتطلق الفكر من عنانه، فيبحث ويعتقد ما يراه الحق، وتمدنا بما وصل إليه الغرب فنستأنس ببحثه، ونستعين به على وضع ما يتفق مع بيئتنا وديننا ونظمنا الاجتماعية وحالتنا العقلية.
وقد عثرت على كتاب في «مبادئ الفلسفة» قسمه المؤلف إلى قسمين: أبان في القسم الأول منه موضع الفلسفة وفروعها، وذكر كلمة عن كل فرع، وختمه بفصل في تاريخ الفلسفة؛ مبدأ نشأتها إلى الآن، وذكر في القسم الثاني النظريات الفلسفية المعروضة على بساط البحث، وحكى باختصار المذاهب المختلفة.
والكتاب يقدم للقارئ صورة مصغرة للآراء الفلسفية؛ قديمها والحديث، ويحدد معنى الفلسفة وموضوعها - تلك الكلمة التي يكاد يتخلف الناس عندنا في فهم معانيها بقدر عدد رءوسهم - ولم يأل جهدا في تبسيط الموضوع والتغلب على صعوباته؛ ليكون سهل التناول لجمهور المتعلمين.
رأيت أن أنقله إلى العربية، وأغراني على ذلك صغر حجمه، وطرافة موضوعه عند قراء العربية، وبذل المؤلف جهده لتسهيل الموضوع، حتى إذا بدأت في ترجمته أحسست بصعوبته، وقد لا يعلم قدر ما لاقيت من عناء إلا من حاول ترجمة كتاب كهذا في موضوع دقيق مليء بالاصطلاحات الفنية لا يجد لها مقابلا في العربية.
راعيت الأمانة في النقل المستطاع، فحافظت على ترتيب المؤلف ومعانيه وتسلسلها، ولم أتصرف إلا عند الضرورة القصوى، وقد استعملت في الترجمة الاصطلاحات العربية ما وجدت إلى ذلك سبيلا، فإن لم أعثر بعد البحث على اصطلاح عربي يقابل الاصطلاح الإنجليزي وضعت كلمة من عندي رأيت أنها أقرب للدلالة على المعنى.
ولست أنكر أن في بعض ما ترجمت غموضا - وأرجو ألا يكون كثيرا - وسبب ذلك إما صعوبة الموضوع وغموض الأصل، أو التغالي في المحافظة على معاني المؤلف، أو أن الاصطلاحات التي استعملتها لم تؤلف إلفها في لغة الأصل.
وقد رأيت أن المؤلف لم يذكر كلمة ما عن الفلسفة العربية وتاريخها، فرأيت - إتماما للفائدة - أن أذكر كلمة في ذلك أقرنها بما كتبه المؤلف عن تاريخ الفلسفة، ووضعت على ما كتب المؤلف كلمات في ذيل الصحيفة قد أشرح بها غامضا أو أبين مصطلحا.
وذيلت الكتاب بترجمة صغيرة لأشهر من ورد ذكرهم في الكتاب؛ أبين فيها جنسه وتاريخ حياته، وربما ذكرت بعض مبادئه، وختمت ذلك بقائمة للألفاظ الإنجليزية وما يقابلها من العربية.
وهنا أتقدم بالشكر للجنتنا المباركة «لجنة التأليف والترجمة والنشر» على ما بذلت من المساعدة في إخراج الكتاب، وأخص بالذكر صديقي أمين مرسي قنديل، وعبد الحميد أفندي العبادي، فإليهما يرجع الفضل في مراجعة الكتاب وتنقيحه، وإرشادي إلى ما غمض من معانيه.
وإني أشكر كل من يتنبه لخطأ في الكتاب فيرشدني إليه، والله أسأل أن ينفع به، ويجعله طليعة كتب واسعة تظهر في هذا الموضوع النافع.
Página desconocida