ومن هذه الحركة نشأ «العلم » لأنه معارف وليس عقائد، وهو الذي قرر للأوربيين السيادة على غيرهم من الأمم التي كانت لا تزال تحيا بالعقائد دون المعارف.
لقد بسطت اللغة الإغريقية القديمة، التي حملها النازحون من الإغريق أمام الأوروبيين، أمة عجيبة هي أمة الإغريق القديمة، فرأى الأوروبيون هنا شعبا وثنيا ولكنه لا يعرف التعصب الديني، إذ كانت حرية التفكير مباحة إلى حدود بعيدة، وكان المفكرون يكتبون ويخطبون كما لو كانوا لا يخافون أية سلطة، وعرفوا من الإغريق معارف فلكية كان الأوروبيون قد نسوها فأحيوها.
ولكن هذه المعارف لم تكن كبيرة في قيمتها أو مقدارها، وإنما الكبير الخطير الذي عرفه الأوروبيون منها هو المنهج الذي أنتج هذه المعارف، وهو منهج التفكير الحر. •••
هذه الحركة البشرية، وهذا التفكير الحر، هما إحدى ثمرات الاكتساح التركي الذي أدى إلى نزوح اللغويين الإغريق من القسطنطينية إلى أوروبا الغربية؛ لأنهم أصبحوا قوة تحريرية للعقل الأوروبي.
وكان من أثر هذه القوة التحريرية أن فشا الاجتراء على اختراع النظريات العلمية، فشرع العلميون يقولون بأن الأرض كرة، واتجه الجغرافيون إلى فكرة الوصول إلى الهند عن طريق الغرب بدلا من طريق الشرق.
وكان هنا حافز أيضا على هذا التفكير من استيلاء الأتراك، وقبل الأتراك السلاجقة؛ لأنهم جميعا منعوا اتصال الأوروبيين بالهند وآسيا عن طريق مصر والبلاد العربية الأخرى.
والحافز إلى اكتشاف أمريكا هو بالطبع حافز سلبي من الأتراك، كما كان الشأن أيضا في هجرة اللغويين الإغريق إلى أوروبا الغربية عقب سقوط القسطنطينية بدخول محمد الفاتح.
ولكن النتائج كانت بعيدة الأثر: (1)
حرية الفكر والنظرة العلمية في أوروبا. (2)
اكتشاف أمريكا ونزوح الأوروبيين إليها.
Página desconocida