El enigma de Ishtar: la deidad femenina y el origen de la religión y el mito
لغز عشتار: الألوهة المؤنثة وأصل الدين والأسطورة
Géneros
هذا وتنحو بعض الأعمال الفنية الممثلة للسيدة مريم العذراء منحى الأعمال العشتارية القديمة؛ إذ تمثل العذراء كسيدة للسنابل وقد زينت سنابل القمح ثوبها ونبتت الأرض تحت قدميها؛ من هذه الأعمال قطعة جميلة من الحفر على الخشب من ألمانيا القرن الخامس عشر (الشكل رقم 43). يقول القديس أمبروزي عن السيدة مريم: «في رحم مريم المقدس زرعت حبة واحدة من الحنطة، ولذا نحن ندعوها ببستان القمح.»
20
شكل 4-11: مريم العذراء سيدة السنابل - حفر على الخشب، ألمانيا القرن الخامس عشر.
إذا كانت الأم الكبرى هي المسئولة عن خصب الأرض ودورة الزراعة، فإن وكيلاتها الأرضيات هن امتداد لخصائصها الإخصابية. إن اكتشاف ديمتر للقمح ونشر زراعته في أنحاء الأرض، ومثلها في ذلك إيزيس التي عهدت إلى أوزوريس تعليم البشر زراعة القمح، ليس إلا إقرارا، على مستوى الأسطورة، بفضل المرأة في اكتشاف الزراعة. لقد كانت مهمة التقاط الثمار والبحث عن الجذور الصالحة للأكل من نشاطات المرأة الأساسية، وهذا ما قادها إلى اكتشاف القمح البري كغذاء، وابتكار أساليب إعداده من طحن وعجن وخبز. ثم أتاحت لها الأوقات الطويلة التي كانت تقضيها في حقل القمح البري، فرصة الملاحظة المتأنية لآلية نشاط الطبيعة، فعرفت أن السنبلة التي تنمو في الربيع، إن هي إلا الحبة الميتة التي تسقط في الخريف، فحاولت تقليد آلهة الطبيعة وتكرارها، وطمرت أول حفنة قمح مبتدئة بذلك تاريخ الحضارة. لقد رأى الإنسان في هذا النشاط الجديد استمرارا لخصوبة المرأة، وفيضا آخر لقواها المبدعة الخلاقة، وعطية من عطايا جسدها المرتبط بالقوى الإلهية العشتارية. فالجسد الذي يهب من ظلماته الحياة ويغذيها ويرعاها، وهو الذي مد سلطانه أيضا إلى التربة ليضرم فيها جذوة الخصوبة. ومنذ استنبات حفنة القمح الأولى، صارت الزراعة من مهام المرأة الرئيسية، وصارت طقوس إحياء الأرض وقفا على النساء من دون الرجال. فإذا كان على الرجل المساهمة في العمل الزراعي، فإن مساهمته تقتصر على المجهود العضلي المتمثل في شق الأرض وتحضيرها، أما وضع البذرة في الأرض فيجب أن تقوم به المرأة التي تنقل للبذرة وللتربة شحنة من خصب جسدها المتوحد مع إيقاع الطبيعة.
إن العادات القائمة في العصر الحديث لدى القبائل البدائية، والتي حفظت في شكلها النيوليتي الصافي تدعم هذا الاستنتاج. فمن الشائع لدى كثير من القبائل أن يقوم الرجل بكل الأعمال التمهيدية السابقة للبذار، ثم تأتي المرأة فتضع البذور في الشقوق التي يسبقها الرجل إلى تحضيرها.
21
كما تسود لدى كثير من القبائل البدائية في أنحاء مختلفة من العالم، أسطورة اكتشاف الزراعة لأول مرة من قبل المرأة، وتقوم النساء في هذه المجتمعات بطقوس استجلاب المطر واستثارة خصوبة الأرض.
22
وفي فترة نضج الحضارة الإغريقية كانت المرأة مسئولة عن استثارة خصوبة التربة وإحياء الأرض، وكانت تقام لهذه الغاية احتفالات خاصة يمارس طقوس الخصب فيها نساء مهيآت لهذه المهمة.
23
Página desconocida