El enigma de Ishtar: la deidad femenina y el origen de la religión y el mito
لغز عشتار: الألوهة المؤنثة وأصل الدين والأسطورة
Géneros
28
إن هذه العادات التي كانت شائعة لدى حصادي العصر الحديث عند أواخر القرن التاسع عشر، لتظهر مشابهة ملفتة للنظر من أسطورة ليتريسيس. فهناك مباريات الحصاد، وربط الخاسر في المنافسة إلى حزمة القمح أو إدراجه فيها، ورشه بالماء أو رميه إلى النهر، والقبض على الغريب المار بقرب الحقل وتمثيل عملية قتله. كل ذلك يشير إلى أمرين، الأول: إن ممارسات الحصادين الحديثة هي استمرار لممارسات مزارعي العصر النيوليتي، بعيدا عن خط التطور المديني. والثاني: أن أسطورة ليتريسيس هي تفسير على الطريقة الإغريقية، لطقس كان قائما في ذلك الوقت في حقول الحصاد في الشرق الأدنى القديم. ورغم أن تقديم الأضاحي البشرية، كان قد توقف منذ زمن بعيد عندما وضع الإغريق روايتهم، فإن ما كان يجري في الحقل فعلا هو طقس يقدم دراما تمثل مقتل الإله الابن، روح القمح الذي حلت روحه في حاصد الحزمة الأخيرة، أو في غريب عابر. وهذه الدراما كانت في الأزمنة الأسبق، فعلا حقيقيا لا تمثيليا؛ إذ كان الحصادون يقدمون قربانا بشريا حقيقيا، يموت من خلاله الإله الابن، على المستوى العياني، موتا يجسد موته على المستوى الماورائي غير المنظور، فالإله الابن في المعتقد والطقس السابق لعصور الكتابة، كان يموت على ثلاثة مستويات متطابقة، يظهر بعضها بعضا. المستوى الأول: غيبي؛ حيث يتم موت الإله في المجال المقدس غير المنظور. المستوى الثاني: طبيعي؛ حيث يمثل القمح جسد الإله القتيل، وحيث ترفرف روحه في حزمة القمح الأخيرة. المستوى الثالث: إنساني؛ حيث يموت الإله من خلال جسد بشري من لحم ودم حلت فيه الروح المقدسة المستعدة للهبوط إلى العالم الأسفل، وحيث يتم تمثيل ما يجري على المستويين الأوليين بشكل واقعي يستقطب كل الشحنات الانفعالية، من حزن على الإله ورأفة بجسده الذي بذله لخلاص الجميع، وأمل في عودته التي يتوقف عليها معاش البشر. وأخيرا تنتهي التراجيديا التموزية بنزول السكينة على قلوب العباد، فجسد القربان البشري الذي مثل موت الإله سيتحول إلى أوكسير ينعش الأرض، ودمه سيصير أمطارا تروي التراب. أما الإله الميت فسوف يعود إلى بيته كما عودهم دائما «ماني-هرا»، وسوف يبعث من مرقده حقا وصدقا. لذلك كان إله الخصب الميت «زيبي» في حضارة الآزتيك بأمريكا الوسطى، ما زال ينشد عند اقتحام الأوروبيين للعالم الجديد:
ربما سأموت، أتلاشى وأغيب،
أنا عود القمح الطري،
ولكن قلبي جوهرة خضراء،
لذا سأعود أخضر، كما كنت،
ولسوف يولد البطل مرة أخرى.
29
وقبل ذلك في بلاد الرافدين كانت الأنشودة البابلية تنادي تموز، الذي سيمضي مختارا إلى عالم الظلمات من أجل ظهور سنابل القمح مرة أخرى:
انهض أيها البطل وامض إلى عالم الظلمات،
Página desconocida