El enigma de Ishtar: la deidad femenina y el origen de la religión y el mito

Firas Sawwah d. 1450 AH
176

El enigma de Ishtar: la deidad femenina y el origen de la religión y el mito

لغز عشتار: الألوهة المؤنثة وأصل الدين والأسطورة

Géneros

ذلك أن معارف عشتار وحكمتها لا يمكن كشفها بالفهم العقلي وقواعد المنطق. بل بالذوبان فيها والفناء بها، والدخول تحت حجابها دون رفعه، إن الاستنارة التي تتحدث عنها حكمة البوذا، والكشف الذي يحكي عن مذاقه المتصوفة، ليسا إزاحة لبرقع الحقائق الربانية بالجهد العقلي المنظم، بل كدح روحي يدخل صاحبه مملكة الظلام خلف برقع إيزيس، لتنكشف له أنوار عالم آخر عند مركز السر أو سدرة المنتهى. عند ذلك يغادر عالم الدورة الشمسية التي تحدد الأيام وزمن الأرض، ويدخل دارة مفتوحة على الأوقيانوس الكلي.

تظهر خاصية الأم الكبرى كسيدة للجنون في أوضح أشكالها لدى كل من إلهة السلت بريجيت، وهيقات، وسيبيل. فبريجيت التي رأيناها إلهة قمرية مثلثة ووالدة للآلهة جميعا وسيدة لخصب الأرض وملتهمة للرجال، هي أيضا من يضرب العقل بالجنون.

31

ومثلها هيقات سيدة الرؤى،

32

وكذلك سيبيل التي ضربت ابنها وحبيبها آتيس بالجنون، فخصى نفسه تحت شجرة التين ونزف حتى الموت.

33

إن في أسطورة سيبيل وآتيس رمزا لثلاثة معابر أو برازخ يمر بها الذكر في علاقته بالروح الأنثوية الكونية. فالجنون برزخ لتحصيل الحقائق الخفية، تخل عن الصحو، ودخول في مملكة السكرة. والخصاء تكريس لحكمة الليل وتوحد صوفي مع المبدأ الأنثوي. والموت برزخ أخير يجتازه من أجل البعث في عالم جديد، وهو بعث يتم أيضا تحت جناح الأم الكبرى، كما سنرى في فصل عشتار المخلصة.

إن ارتباط الجنون بالأم القمرية قديما، قد ترك آثاره اللاحقة في معظم الثقافات التي تربط بين القمر وحالات الجنون. وما زلنا في العالم العربي نعتقد بتأثير البدر على حالات معينة من الجنون التي تشتد في ليالي القمر الكامل. كما وأننا نجد آثار هذا الاعتقاد باقية في بعض اللغات. فمن الكلمات الدالة على الجنون في اللغة الإنكليزية كلمة

Lunacy ، وهي مشتقة من كلمة

Página desconocida