فقال: ((ياحبيبتي، أما علمت أن الله اطلع على أهل الأرض اطلاعة فاختار منها أباك فبعثه نبيا برسالته؛ ثم اطلع عليها اطلاعة فاختار منها بعلك، وأوحى إلي ان أنكحك إياه؛ يافاطمة، ونحن أهل بيت قد أعطانا الله خمس خصال لم يعطها أحدا قبلنا ولايعطيها أحدا بعدنا: أنا خاتم النبيين وأكرمهم على الله عز وجل، وأحب المخلوقين إليه، وأنا أبوك؛ ووصيي خير الأوصياء وأحبهم إلى الله تعالى، وهو بعلك؛ وشهيدنا خير الشهداء وأحبهم إلى الله تعالى، وهو حمزة بن عبدالمطلب، عم أبيك وعم بعلك؛ ومنا من له جناحان أخضران يطير في الجنة حيث يشاء مع الملائكة، وهو ابن عم أبيك وأخو بعلك؛ ومنا سبطا هذه الأمة وهما ابناك الحسن والحسين، وهما سيدا شباب أهل الجنة، وأبوهما خير منهما؛ والذي بعثني بالحق، إن منا /59 مهدي هذه الأمة؛ إذا صارت الدنيا هرجا ومرجا، وتظاهرت الفتن، وتقطعت السبل، وأغار بعضهم على بعض، فلا كبيرهم يرحم صغيرهم، ولاصغيرهم يوقر كبيرهم، فيبعث الله عز وجل عند ذلك من يفتح حصون الضلالة، وقلوبا غلفا؛ يقوم بالدين في آخر الزمان كما قمت به في أول الزمان، ويملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا)).
انتهى من شرح التحفة، للسيد العلامة محمد بن إسماعيل الأمير، وهو في ذخائر العقبى للمحب الطبري الشافعي، والأمير ناقل منها.
وروى نحوه ابن المغازلي، عن أبي أيوب رضي الله عنه وفيه: ((إن الله عز وجل اطلع إلى الأرض اطلاعة فاختار منها أباك فبعثه نبيا؛ ثم اطلع إليها ثانية فاختار منها بعلك، فأوحى إلي فأنكحته واتخذته وصيا؛ أما علمت يافاطمة أن لكرامة الله إياك زوجك أعظمهم حلما، وأقدمهم سلما، وأعلمهم علما)).
إلى قوله: ((يافاطمة، له ثمانية أضراس ثواقب: إيمان بالله، ورسوله، وحكمة، وتزويجه فاطمة، وسبطاه الحسن والحسين، وأمره بالمعروف، ونهيه عن المنكر، وقضاؤه بكتاب الله عز وجل )) إلى قوله - صلوات الله عليه وآله -: ((نبينا أفضل الأنبياء وهو أبوك، ووصينا خير الأوصياء وهو بعلك، وشهيدنا خير الشهداء وهو حمزة عمك، ومنا من له جناحان يطير بهما في الجنة حيث يشاء، وهو جعفر ابن عمك، ومنا سبطا هذه الأمة وهما ابناك، ومنا والذي نفسي بيده مهدي هذه الأمة))؛ رواه في تفريج الكروب.
قلت: والاطلاع من الله تعالى مستعار؛ لتوجه الحكم بالاختيار في تلك الحالة، أو نحو ذلك من وجوه التأويل؛ إذ لايمكن حمله على الظاهر بمقتضى الدليل.
وفي تخريج الشافي، بعد أن ساق الرواية للخبر الأول من تحفة الأمير مالفظه: وروى مايقاربه ابن المغازلي عن أبي أيوب الأنصاري، ورواه عيسى بن حفص بطريقه إلى أبي أيوب إلى قوله: ((ومنا مهدي هذه الأمة)) ذكره في الكامل المنير؛ ورواه محمد بن سليمان الكوفي بسنده /60
Página 60