133

Khulasa

الخلاصة في معرفة الحديث

Investigador

أبو عاصم الشوامي الأثري

Editorial

المكتبة الإسلامية للنشر والتوزيع

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م

Ubicación del editor

الرواد للإعلام والنشر

Géneros

ومن ثم قال صلوات الله وسلامه عليه «نَضَّرَ اللهُ عَبْدًا سَمِعَ مَقَالَتِي فَحَفِظَهَا وَوَعَاهَا وأدَّاهَا فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرُ فَقِيهٍ، ورُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ». رواه أبو داود والترمذي عن ابن مسعود (١)، وكفى بهذا الحديث لفظًا ومعنى، شاهدُ صدقٍ على ما نحن بصدده، فإنك إذا أقمت مقام كل لفظةٍ ما يُشاكِلها أو يُرادفها اختل المعنى وفسد.
فإنك لو وضعت موضع نضَّر الله، رحم الله، أو غفر الله، وما شاكلهما أبعدت المَرمَى فإن من حَفِظ ما سَمِعه وأدَّاه من غير تغيير فإنه جعل المعنى غضًّا طريًّا، ومن بدَّل وغيَّر فقد جعله مُبتذلًا ذاويًا.
وكذا لو أنبت امرءًا مناب العبد فات المعنى لأن العبودية الاستكانة والمُضيُّ لأمر الله ورسوله بلا امتناع ولا استنكاف من أداء ما سمع إلى مَن هو أعلم منه، وخُصَّت المقالة بالذِّكر من بين الكلام والخبر، لأن حقيقة المقالة هي المركبة من الحروف المُبرزة ليدُلَّ على وجوب أداء اللفظ المسموع.
وإرداف وعاها حَفِظها مُشعر بمزيد التقرير، لأن الوعيَ إدامة الحفظ وعدم النسيان وفي رواية أخرى فأدَّاها كما سمعها، أُوثر أدَّاها على رواها وبلَّغها ونحوهما دلالة على أن تلك المقالة مستودعة عنده واجب أدائها إلى من هو أحق بها وأهلها، غير مُغيَّرة ولا مُتَصرَف فيها، وكذا تخصيص ذكر الفقه دون العلم للإيذان بأن الحامل غير عارٍ عن العلم، إذ الفقه علم بدقائق مستنبطة من الأقيسة والنصوص، ولو غَيَّر عالم لزم جهله، وكذا تكرير رُبَّ

(١) الترمذي (٢٦٥٧) ولم أقف عليه عند أبي داود من حديث ابن مسعود إنما من حديث زيد بن ثابت (٣٦٦٢).

1 / 140