والمساجلات الأدبية. ولا نبالغ إذا قلنا إنه مرجع أدبي خاص، للعصرين: المملوكي والأيوبي، بل هو مرجع أدبي عام.
لذلك رأينا أن نوليه ما يستحقه من الاهتمام، تسهيلا للاستفادة منه، فقمنا بشرحه والتعليق عليه، وتخريج الآيات القرآنية الواردة فيه، وتحريره بضبطه، وتعيين بداية الفقرات ووضع النقاط والفواصل، وترجمنا لصاحبه، ومن ثم أشرفنا على طباعته، وقمنا بتصحيحه، حتى خرج بهذه الحلة، والله ولي التوفيق.
ملاحظات حول الكتاب:
من شروط البديعيات التي كان متعارفا عليها، أن يلتزم ناظموها بأن يكون كل بيت منها شاهدا على نوعه بمجرده، ليس له تعلق بما قبله ولا بما بعده. ومن هذه الزاوية وبناء لهذا الشرط، ولغيره من الشروط البديعية والبيانية، يقارن ابن حجة بين بديعيته وبديعية صفي الدين الحلي، وبديعية عز الدين الموصلي، وبديعية العميان فيقول: "أما براعة بديعيتي ... فإني جمعت فيها بين براعة الاستهلال وحسن الابتداء، بالشرط المقرر لكل منهما، وأبرزت تسمية نوعها البديعي في أحسن قوالب التورية، وشنفت١ بأقراط غزلها الأسماع، مع حشمة الألفاظ وعذوبتها، وعدم تجافي جنوبها عن مضاجع الرقة.
وبديعية صفي الدين الحلي، غزلها لا ينكر، غير أنه لم يلتزم فيها بتسمية النوع البديعي ... ولو التزمه لتجافت عليه تلك الرقة. وأما الشيخ عز الدين الموصلي، فإنه لما التزم ذلك نحت من الجبال بيوتا".
وإذا نحن نظرنا إلى الكتاب من هذه الزاوية، فإننا نلاحظ فعلا، شدة مراعاة ابن حجة لهذا الشرط، وعدِّه عدم الأخذ به عيبا وقع فيه البعض ممن نظموا البديعيات غيره.
وأول ما يمكن أن نلاحظه على ابن حجة في "خزانة الأدب" أنه لم يتورع عن ذكر الأشعار التي فيها الكثير من الفحش، الذي يجدر بأرباب الأدب أن يربأوا بأنفسهم عن ذكره أو التلفظ به. خاصة وأنه كان باستطاعة ابن حِجة الابتعاد عن مثل هذا الشعر الفاحش، لأنه إنما أورده في مجال التمثيل على الأنواع البديعية، وكان يمكن أن يوجد له عذر في إيراده، لولا أن بعض أمثلته، وهو قصيدة لابن الفارض، بلغ أربعة وستين بيتا، مما لا يعقل معه أن يسمى مثلًا؛ أما وقد ظهر تعمده في إيراد فاحش الشعر، فلا عذر له عندنا.
_________
١ شنّف: حلّى وزيّن.
1 / 10