يذكرني وجدي الحمام إذا غنى ... لأنا كلانا في الهوى يعشق الغصنا١
ذكر الصلاح الكتبي، في كتابه فوات الوفيات، أن الشيخ أثير الدين أبا حيان قال: رأيت الشيخ المذكور صوفيا بحماة المحروسة، وأنشدني لنفسه هذه القصيدة وعدة مقاطيع منها:
أراك فأستحيي فأُطرِقُ هيبة ... وأُخفي الذي بي من هواك وأكتُم
وهيهات أن يخفى وأنت جعلتني ... جميعي لسانا في الهوى يتكلم
وتوفي بعد الثمانين والستمائة، وأما مطلع الشيخ شمس الدين بن العفيف في هذا الباب، فظرافته لا تنكر، لأنه كان ينعت بالشاب الظريف، قال في شطره الأول:
أعز الله أنصار العيون
وفي الثاني
"وخلد ملك هاتيك الجفون"
وما أظرف ما قاله بعده:
وضاعف بالفتور لها اقتدارًا ... وجدد نعمة الحسن المصون
وما أحسن ابتداءات الشيخ عبد العزيز الأنصاري، شيخ شيوخ حماة، فجميعها نسجت على هذا المنوال، منها قوله:
حروف غرامي كلها حرف إغراء ... على أن سقمي بعض أفعال أسماء
وقوله:
ويلاه من نومي المشرد ... أواه من شملي المبدد
وقوله:
أهلا بطيفكم وسهلا ... لو كنت للإغفاء أهلا
وما أحلى ما قاله بعده:
لكنه وافى وقد ... حلف السهاد علي أن لا
وقد توارد هو وابن عنين في هذا المعنى، ولك كساه ديباجة تأخذ بمجامع القلوب، ومطلع ابن عنين قوله:
ماذا على طيف الأحبة لو سرى ... وعليهم لو سامحوني بالكرى٢
_________
١ وجدي: شدة شوقي
٢ الكرى: الإغفاء دون النوم.
1 / 26