Pensamientos de Imaginación
خواطر الخيال وإملاء الوجدان
Géneros
أحمد الله تعالى إليك، ولقد وفد علي كتابك الكريم، وأنا في بعض الصحوة من الحمى التي تغشاني من بضعة أيام، فاهتبلت هذه الفرصة وتلوت مقالك تلاوة إمعان وجد فكر، ووالذي بيده نفسي، ما عدوت في هذا الباب ما في نفسي، وإن كنت أنت أنور بيانا، وأدق في الفروق تعبيرا، فنحن إذن يا سيدي متفقان حق الاتفاق، ولعل سيدي يذكر أنني قلت في ملحق السياسة ما معناه: «إن الأدب الذي لا يترجم عن البيئة التي يخرج فيها ليس أدبا، وإن الأديب الذي لا يؤدي ما يختلج في نفسه هو وما يتنزى عن عواطفه هو ليس أديبا.»
بقي أن ألقي على سيدي الأستاذ هذا السؤال: هل بقي في مصر ممن يقدر الناس لهم في الأدب قدرا من يفكر ويصور على ذلك الأسلوب الذي عابه الأستاذ وهجنه بحق؟
أبقي من مشيخة أهل الأدب من لا ينظر إلى الحياة إلا بعيني بدوي، ومن لا يفكر إلا برأس أموي، ومن يعمى عن كل ما يحيط به من أسباب الحياة؟
هل بقي في مصر من تزدهيه طائفة من الجمل وشتى الأسجاع فيجعل كل همه في تلفيقها من هنا وهناك ويستكرهها كلها في سلك واحد وتخرج موضوعا والسلام؟ لا أظن يا سيدي، فإن وجد فرد أو أفراد فهم على شرف الفناء.
وإني يا سيدي أشكرك أجل الشكر على ما نحلتنيه من فضل لا أعرفه لشخصي، وأسامحك على ما قدرت في من إيجاع وإقذاع، والسلام عليك ورحمة الله.
المخلص
عبد العزيز البشري (7) تطور الأدب العربي وموضعه في مصر اليوم «ملاحظات وآراء»
لقد شاقني المقال القيم الذي ألقاه صديقنا وأستاذنا الكبير الشيخ عبد العزيز البشري على زملائه حضرات أعضاء «نادي القلم المصري»، ولقد سرد لنا في لمحته تطور الأدب في مصر في مختلف العصور، ووصف سيره وخطاه، وكيف تدرج إلى الرقي، ولا يسعنا إلى أن أسدي إليه آيات الشكر والثناء على اهتمامه بالأدب وما يبذله من العناية في تشخيص أدوائه ووصف العلاج الناجع لشفائه، غير أنني لاحظت عليه بعض أحكام قاسية ينقضها في نفس المقال، وإني أذكر تلك المواضع بنصها لنشرك القراء معنا في الرأي:
أدركت مصر في عصر إسماعيل حظا محمودا من الحضارة؛ فشاعت فيها العلوم، واستوثق الاتصال بينها وبين بلاد الغرب التي كثر روادها من المصريين، وانحدر العديد الأكبر من الغربيين إلى هذه البلاد سياحا ومتوطنين، كما نزحت إليها طائفة من أعيان الأدباء والكتاب السوريين.
لهذا وبذلك جعلت الثقافة العامة تتلون بلون جديد، وجعلت الأقلام تستشرف بقدر إلى أسباب الحضارة الحديثة، ولا يفوتكم أن المطالب العسكرية في ذلك الحين لم تصبح مما يستغرق هم القائم، بل لقد انبسط منه فضل كثير للآداب والفنون، وكان أول ما انبعث في هذين البابين الصحافة الشعبية والتمثيل.
Página desconocida