الحمد لله الذي لا تدركه العيون, ولا تحيط بحقيقة ذاته الأوهام والظنون ,ليس بذي جسم ولا حركة ولا سكون , يعلم سبحانه وتعالى ما هو كائن قبل أن يكون يعلم سبحانه وتعالى خائنة الأعين وما تخفي الصدور, كل شيء هالك إلا وجه له الحكم وإليه ترجعون, تفرد سبحانه وتعالى بالبقاء والدوام , وقهر بالموت والفناء جميع الأنام , وأحسن أفعاله وهو بديع الإحسان ,( وأحكم أفعاله وهو بديع الإحكام), وأنزل على نبيه في كتابه المكنون, كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون, (وإنك ميت وإنهم ميتون), أحمده على ما تفضل به علينا من الإنعام والجود, حمدا يسوق إلى طاعته ويقود, وأشهد أن لا إله إلا الله الواحد المعبود, سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون,(وهو سبحانه الباقي الدائم الحي الذي لا يموت وما سواه مفقود, كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون) وأشهد أن محمدا عبده ورسوله(النبي المختار), الذي برئت بمسح كفه الآلام, وسبحت له الأحجار وشق له بدر التمام, وحنت إليه الأشجار, - صلى الله عليه وسلم - وآله ما مالت في الرياض غصون, وعلى أخيه وابن عمه الذي طوقت بولايته الأعناق, وصح أن حبه إيمان وبغضه من أشد النفاق, فاتح باب خيبر(وقد أعيى)وبدا على الصحابة منه الإغلاق, المنزل منه بمنزلة هرون(من موسى إلا النبوة), وعلى زوجته(الطاهرة سيدة نساء الدنيا والآخرة) فاطمة الزهراء البتول(البتول الزاهرة), وعلى ولديهما الإمامين الأعظمين الحسن والحسين, ريحانتي قلب الرسول, وعلى الآل الذين ودادهم بالرضوان موصول, وعلى الصحابة والتابعين الذين يهدون بالحق وبه يعدلون, أيها الناس أيها الناس,إلى كم نحن في الدنيا لاهون ولاعبون, وإلى متى نحن في سكرات أهوائنا عامهون, كم عاينا من إنسان صرعته سهام المنون, بينما هو في رغد عيش فإذا هو في التراب مدفون,(أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون), قل هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون, أليس ما نلد للموت ونبنيه للخراب, غرتنا زخارف الدنيا وإنما هي كسراب, إنما هي منكوح وملبوس ومطعوم وشراب(ومشروب), فالمنكوح للبلاء(للفناء) والملبوس للبلاء والباقي لما تعرفون, قل هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون, أين من خزن ذخاير الأموال وجمعها, أين من شيد أبنية القصور(الدور) ووسعها, أين من فسح أفنية الدور وعظمها(أبنية القصور ورفعها), هم والله أسارى ضيق لا يفكون,(ولا إلى أهلهم يرجعون) قل هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون, أين من جند الجنود والعساكر, أين فصحاء الكلام وخطباء المنابر, أين أرباب الرماح والسيوف البواتر, هلكوا والله ولم تنفعهم العدد والحصون, قل هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون, سكنوا بعد سعت القصور ضيق الحفر, واستبدلوا عن(بعد) فراش الحرير خشونة المدر, والله إن في هذا لمواعظ وعبر, قد حيل بينهم وبين ما يشتهون, قل هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون, فكيف بنا إذا تركنا في اللحود, وخلانا الخليل الودود زادا للدود, وانمحت منا محاسن الوجوه(وتمزقت) الجلود, وصار كل منا بما كسبه مرهون, قل هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون,أم كيف بنا إذا نودي للجمع بعد الشتات, ورد الله الأرواح إلى الأجساد وأحيا(العظام) الرفات,( وبعثرت)وبعثر من في القبور جميع الأموات, وهم من حدب ينسلون, قل هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون, فيا غافلا عن خطوب(هذا) الخبر, ليت شعري أقلب بين جنبيك أم حجر, مالها غابت العقول ومالت الفكر, فإنا لله وإنا إليه راجعون, قل هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون, فكر إذا عرضت الخلايق على رب الأرباب, ودعي كل إنسان للمناقشة والحساب,(والمجازاة بالثواب والعقاب), وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب, وجيء بالنبيين والشهداء وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون, قل هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون,(أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون وأنتم سامدون), ووقع الخصام واشتد الزحام, وجيء بجهنم مزمومة بسبعين ألف زمام, قد أوقد عليها ألف عام فألف عام فألف عام, هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون, قل هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون, ونصب الصراط على جسر جهنم وقد علا زفير لهبها, وتيقنت العصاة خسرانها وسوء منقلبها(عملها ومستقبلها), يوم لا ينفع مال ولا بنون(إلا من أتى الله بقلب سليم),قل هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون, وأمرت الزبانية بأهل المعاصي والفجور, وتيقنوا الخسران فدعوا بالويل والثبور, ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك, قال إنكم ماكثون,(قل هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون), فياله من جواب ينقطع معه الرجاء ويحصل اليأس, ويحصل(وينزل) معه من الوحشة ما لا فرح معه(ولا إيناس)وتتضاعف لأجله الحيرة والإبلاس, تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون,قل هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون, فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات(فهم في) ففي دار النعيم والثواب, يطاف عليهم بصحاف من ذهب(فضة) وأكواب, والملائكة يدخلون عليهم من كل باب, وهم من فزع يومئذ آمنون, قل هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون, فيا من غره مقدار الأمل وطوله,(أفأنتم في شك مما أذكره لكم وأقوله, فاسمعوا قول الله صدق قيله) { وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله } , ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون,آجرنا الله وإياكم على المعهود من إحسانه وفضله, وكرمه وامتنانه, واغفر اللهم لنا ولآبائنا ولأمهاتنا ولقرابتنا ولمشايخنا في الدين وللمؤمنين كافة, واجعل اللهم ثواب ما قرأناه, وأجر ما تلوناه,هدية منا واصلة, ورحمة منك نازلة نقدم ثوابها إلى روح نبينا وآل نبينا محمد ,(ثم إلى روح إخوانه من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين), ثم إلى روح من اجتمعنا هاهنا بسببه, وتلونا القرآن العظيم من أجله وجهته, اجعل اللهم ذلك نورا يسعى بين يديه, بارك اللهم برحمتك ورضوانك عليه, ادخل اللهم برحمتك(عليه)إلى قبره من سعة(بركة)القرآن العظيم, السعة الواسعة, والرحمة النازلة, والفرح الدائم, والنور المستنير في اللحد المظلم, وحقايق الإيمان بك ياكريم, برد اللهم بعفوك مضجعه, واحسن إليك مرتجعه(وانس وحشته), وارحم مصرعه(غربته), واجعل الروح والريحان والراحة معه, وأزلفه غرف الجنان, وحرم جسمه على النيران, ولا تعرضه وإيانا ووالدينا والمؤمنين والمؤمنات على حساب يوم الحساب, إنك أنت الله الكريم المنعم الوهاب(كريم منعم وهاب), اللهم وما أتاك به من عمل صالح فتقبله منه, وما أتاك به من عمل سيء فتجاوزه عنه, وكن له ولنا بعد الأحباب حبيبا, واجعل اللهم له ولنا من كل خير نصيبا, واجعل ما نقلته إليه خيرا مما نقلته عنه(يا أرحم الراحمين), اللهم وانقله إلى سدر مخضود, وطلح منضود, وظل ممدود, وماء مسكوب, وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة, وفرش مرفوعة, اللهم ونحن عبيدك وابناء عبيدك, الضعفاء الفقراء المساكين, المفتقرون(المحتاجون) إلى عفوك ورحمتك في كل وقت وحين, إذا صرنا إلى ما صاروا إليه, ووردنا على ما وردوا عليه, بارك اللهم لنا وله فيما نصير إليه, واجعل ملك الموت عليه السلام, بقبض أرواحنا شفيقا رفيقا رؤفا رحيما, ولا تجعله سائقا عنيفا, واجعل الموعد واللقاء بيننا وبينه وبين والدينا في جناتك جنات النعيم, ودارك دار السلام, برحمتك يا ذا الجلال والإكرام, في دار دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام, وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين, سبحان ربك رب العزة عما يصفون, وسلام على المرسلين , والحمد لله رب العالمين, وعلى النبي محمد وآله أفضل الصلاة والتسليم, ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم, الفاتحة حمدا على قضائه, وشكرا على نعمائه, وأن الله سبحانه وتعالى يقضي لنا بها جميع الحاجات, ويدفع عنا كل المصيبات, وأن يشفي أمراضنا وأمراض المؤمنين أجمعين, وأن يجعلنا من عتقائه وطلقائه ونقذائه من النار, وأن يكفينا ووالدينا والمؤمنين والمؤمنات ما أهمنا في الدنيا والآخرة, بسر القرآن العظيم والنبي الكريم، الفاتحة .
ثم إلى روح سيدنا ومولانا ونبينا, وشفيعنا ومنقذنا محمد , وإلى روح إخوانه من النبيين والمرسلين وسائر الصالحين, اللهم صل على ملائكتك المقربين, وصل على محمد وآل محمد, وصل على الشهداء والصديقين والصالحين, اللهم أوصل صلواتنا إلى أرواحهم, واجعلهم إخواننا فيك وأعواننا على دعائك, يا أرحم الراحمين, بسر القرآن العظيم والنبي الكريم، الفاتحة.
ثم إلى روح الوصي والزهراء والحسنين وآلهم الطيبين الطاهرين, ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين, اللهم اجزهم عنا خيرا, ووفقنا معهم يا أرحم الراحمين, ثم إلى روح المنتقل (المتوفى) إلى رحمة الله أن الله يرحمه رحمة الأبرار, وأن يسكنه جنات تجري من تحتها الأنهار, الله لا يحرمنا أجره, الله لا يفتنا بعده, الله يعيننا وإياكم على ما أعانه, الله يجمع بيننا وبينه وبين والدينا في الجنة, بسر القرآن العظيم والنبي الكريم، الفاتحة.
ثم بنية المخلفين من بعده أن يعصم قلوبهم بالصبر, ويعظم لهم الأجر, وأن يخلفه عليهم بأحسن خلافة, وأن لا يحرمهم أجره, وأن يضاعف لهم الأجر والثواب, والصبر والسلوان, وأن يختم لنا ولهم وللمؤمنين والمؤمنات بالصالحات آمين رب العالمين, بسر القرآن العظيم والنبي الكريم، الفاتحة.
Página 9