============================================================
أهله، ويمشي منتعلا وحافيا، ويعود المرضى حتى بعض الكفار وأهل النفاق، ويشهذ الجنائز، ويزور قبور المؤمنين، ويسلم عليهم، ويستغفر لهم.
ويركب الفرس والبعير والحمار بإكاف (1) وغريا. لكن اكثر ركوبه للأولين، وأما البغل فكان قليلا في بر العرب لكن أهدي له فركبه، ويركب منفردا، ويردف أحيانا خلفه عبده وزوجته وغيرهما.
ويجالس الفقير، ويواكل المسكين، ويكرم أهل الفضل، ويتألف أهل الشرف، فكان يتواضع لاكابر الكفار للتألف، ولكونهم مظاهر العزة الإلهية، ويقول: "إذا أتاكم كريم قوم فأكرموهه(2) .
ولا يواجه أحدا بما يكرهه، ويمزح ولا يقول إلأ حقا، ويوري ولا يقول في توريته إلأ صدقا، ويجلس للاكل مع العبيد، ويأتي إلى بساتين إخوانه إكراما لهم، ويمشي وحده بين أعدائه بلا حارس، لا يهوله شيء من أمر الذنيا، لا يحقر مسكينا لفقره، ولا يهاب ملكا لملكه، يدعو هذا وهذا إلى الله دعاء واحدا، وقيل له: ادع على الكفار. فقال: "إنما بعثث رحمة، اللهم اهد قومي؛ فإنهم لا يعلمون".
ولم يكن فگاشا ولا لعانا ولا بخيلا ، ولا جبانا، ولا صخابا في الأسواق، يختار ايسر الأمور، ولا يضحك إلا تبشما، يعجب مما يعجب منه جلساؤه، ويضحك مما يضحكون، ويذكرون ما كان منهم في الجاهلية فيتبتم.
قد وسع الناس خلقه فهم في الحق عنده سواء، وما انتهر خادما، ولا قال له في شيء صنعه: لم صنعته ؟ ولا في شيء تركه: لم تركته، بل يقول: "لو قدر كان"(3).
(1) الإكاف والوكاف (على البدل): برذعة الحمار والبغل. انظر متن اللغة (وكف) .
(2) اخرجه ابن ماجه 1223/2 (3712) عن ابن عمر، والبيهقي 168/8 عن ابن جرير بن عبد الله، والحاكم في مستدركه 4 /291، 292 عن جرير آيضا.
(3) أخرجه ابن حبان (الإحسان) 145/16 (7179) عن أنس. قال الشيخ شعيب حفظه الله: إسناده على شرط الشيخين:
Página 32