============================================================
الباب الثالث في صفاته الباطفة هافاقه الاههة هادابه الباهوة قد زينه الله بالخلق الكريم، ثم أضاف ذلك إليه فقال سبحانه: { وإنك لعل خلقي عظيو} [القلم: 4) فمن مكارم أخلاقه، ومحاسن آدابه أنه كان أحلم الناس وأشجعهم وأعدلهم وأعفهم، وأجودهم، لا يبيث عنده درهم ولا دينار، وإن قضل ولم يجذ من يعطيه، وفاجأه الليل، لا يأوي منزله حتى يبرا منه إلى من يحتاجه، وماستل قط فقال: لا.
وكان أصدقهم لهجة، وأشدهم تواضعا، وألينهم عريكة، وأكرمهم عشرة، وأعظمهم حياء، لا يثبت بصره في وجه أحد، أسكت الناس في غير كبر، وأفصحهم وأبلغهم في غير تطويل، يقبل الهدية، ولو جرعة لبن، وفخذ أرنب، وئكافىء عليها بأكثر ويأكلها، ولا ياكل الصدقة، يغضب لرئه لا لنفسه.
ينفذ الحق وإن عاد بالضرر عليه، نظره إلى الأرض اكثر من نظره إلى السماء، خافض الطرف، من رآه بديهة هابه، ومن خالطه معرفة أحبه.
رقيق البشرة، لطيف اللاهر والباطن، يعرف في وجهه غضبه ورضاه، وإذا أممه أمر اكثر من مس لحيته.
يتكلم بكلام بين فصل يحفظه من سمعه، ويعيد الكلمة ثلاثا أحيانا لتعقل عنه، وكان متواصل الأحزان، دائم الفكر، ليست له راحة، ولا يتكلم في غير حاجق كثير البكاء والضراعة، يمشي مع المسكين والأرملة لقضاء حوائجهما، ويخصف(1) نعله، ويرقع ثوبه، وينقي الهوام منه، ويحلب شاته، ويخدم (1) خصف النعل: خرزها. القاموس (حصف).
21
Página 31