============================================================
فعظمت معاداة قريش له ولصحبه، فكتبوا كتابا أن لا يناكحوا بني هاشم، ولا يوالوهم، ولا يبايعوهم ولا..، ولا..، وعلقوه بالكعبة، وحصروهم بالشعب ثلاث سنين حتى اشتد بهم البلاء، وسمعت أصنوات صبيانهم يتضاغون(1) من الجوع، وأطلع الله نبيه على أن الأرضة أكلث ما في الصحيفة من جور وظلم، وبقي ذكر الله، فأخبرهم، فأخرجوها فوجدت كذلك، وشلت يذكاتبها؛ فقام رجال من الكفار في تقضها، فلبسوا السلاح وأخرجوهم.
ثم مات عيه أبو طالب ثم خديجة، فحزن لذلك: ثم بعد عام ونصف أسري به من مكة للقدس على ظهر البراق، ثم علا إلى السماء ومعه جبريل، فاتى الأنبياء كل واحد في سماء، ففرحوا به، ثم علا إلى مستوى سمع فيه صريف الأقلام (2) بالأقدار، ثم دنى فتدلى، ففرض الله عليه وعلى أمته خمسين صلاة، فلم يزل يراجعه، ويسأله التخفيف بإشارة موسى حتى جعلها خمسا، فلما أصبح اخبرهم، فصدقه الصديق رضي الله عنه، وكذبه الكفار، وسالوه عن صفة بيت المقدس، ولم يكن رآه قبل، فرفعه إليه جبريل عليه السلام حتى وصفه لهم، فلم يمكنهم تكذيبه لكن جحدوا عنادا.
ولما اشتد الأذى للمصطفى عرض نفسه على القبائل يطلب من يؤويه ويحميه ليبلغ رسالة ربه، فكل منهم يعرض ويهزا به حتى أتاح الله له الأنصار، فصار الواحذ منهم يسلم، فيسلم جميع عشيرته، ففشى الإسلام بالمدينة، فهاجر إليها المسلمون.
وأراد أبو بكر رضي الله عنه أن يهاجر فمتعه، حتي هاجرا معا، فخرجا إلى غار ثور، ومعهما عامر بن فهيرة يخدمهما، وابن أريقط يدك على الطريق، فسلكوا طريق الشاحل، وأعمى الله عنهم العدو، فرآهم سراقة فتبعهم ئريد قتلهم، فدعا عليه المصطفى فساخت فرسه في الأرض، فناداه: الأمان (1) يتضاغون: يصيحون ويضجون. انظر النهاية (ضغا).
(2) صريف الأقلام: صوت جريانها بما تكتبه من أقضية الله تعالى ووحيه، وما ينتسخونه من اللوح المحفوظ . النهاية (صرف) .
Página 26