============================================================
(تتمة) قال في "اروض الرياحين"(1) : الناس في الكرامات أقسام؛ منهم من ينكرها مطلقا وهم أهل مذهب معروفون، وعن التقى والهدى مصروفون، ومنهم من يصدق بكرامات من مضى دون أهل زمنه، وهم كبني إسرائيل صدقوا بموسى حين لم يروه، وكذبوا محمدا حين رأوه مع كونه أعظم، ومنهم من يصدق الأولياء في زمنه لكن لا يصدق بأحد معين وهذا محروم من الإمداد؛ لأن من لم يسلم لأحد معين لا ينتفع بأحد أبدا.
(خاتمة) لا يبلغ وليي درجة النبي خلافا لما زعمه بعض الكرامية (2)، ولا تسقط عنه التكاليف بكمال الولاية كما ادعى بعض أهل الإلحاد والاتحاد: أن الولي إذا بلغ الغاية في المحبة وصفاء القلب وكمال الإخلاص سقط عنه الأمز والنهي، ولم يضره ذنث، ولا يدخل النار بارتكاب الكبائر، وذلك باطل بإجماع المسلمين ولا تكون ولاية غير النبي أفضل من النبوة بحال، وإيما الكلام في ولايته (3) فقيل: هي أفضل من النبوة لما فيها من معنى القرب وكمال الاختصاص: وقيل: بل نبؤثه لما فيها من الوساطة بين الحق والخلق، والقيام بمصالح (1) روض الرياحين: صفحة 65 مع تصرف بالعبارة.
(2) الكرامية: نسبة إلى محمد بن كوام، وهي من فرق الابتداع في الإسلام، كانت تقول : إن الله تعالى مستقر على العرش، وانه جوهر، وقالت بالتجسيم، وإن الإيمان بالقول كاف، والكرامية طوائف بلغ عددهم إلى اثنتي عشرة فرقة. ولد محمد بن كرام في سجتان وجاور بمكة خمس سنين، وقد سجنه طاهر بن عبد الله ثمانى سنين تم خرج الى بيت المقدس وبها توفي سنة 255 ه. الملل والنحل 108/1، طبقات الشافعية الكبرى 304/2.
(3) جاء في حاشية المطبوع : أي ولاية النبي هل تكون أفضل من نبوته، أو نبوته أفضل؟.
Página 20