ورابعها: العلم بالقسمة الدائرة بين النفي والإثبات نحو زيد إما في الدار وإما خارج عنها، وإما حي وإما ميت، فلا يجوز اجتماع الأمرين ولا ارتفاعهما.
وخامسها: العلم بتعلق الفعل بفاعله وإسناده إليه، فلا يجوز عمارة ولا كتابة ولا نجارة من دون عمار وكاتب ونجار، ومتى صدر الفعل من فاعله أسند إليه ونحو ذلك.
وسادسها: العلم بمقاصد من يخاطبه فإذا قال له: قم، علم أن المطلوب منه القيام، وإذا سأله عن شيء، علم أن المراد السؤال عنه ونحو ذلك.
وسابعها: العلم بالأمور الجلية قريبة العهد نحو حصول المطر وإطباق الغيم وموت سلطان البلد ونحو ذلك.
وثامنها: العلم بالأمور الخبرية والمستفادة من جهة التجربة والعادة نحو أن النار تحرق القطن، والحجر تكسر الزجاج، والسم قاتل، وهذا لا يكون عدم العلم به قادحا في العقل إلا بعد الخبرة لا إذا جهلها في أول الأمر ثم علمها ولهذا قيل لها: الجبرية.
وتاسعا: العلم بوجوب بعض الأفعال كرد الوديعة، وقضاء الدين، وشكر المنعم، وقبح بعضها كالظلم، والعبث، والكذب، والسفه، وحسن بعضها كإرشاد الضال، وخساسة بعضها كشكاسة الأخلاق، ونحو ذلك.
وعاشرها: العلم بمخبر الأخبار المتواترة كالعلم بوجود مكة والمدينة ومصر والكوفة ونحو ذلك، ويدخل في ذلك العلم ببعثة الأنبياء عليهم السلام، كالعلم ببعثة محمد صلى الله عليه وآله وسلم. قال أبو هاشم: وإنما يكون هذا من علوم العقل بعد البعثة بالشرائع لأن في العلم به للمكلف لطف فأما قبلها فعدم العلم بمخبر الخبر المتواتر غير قادح في العقل والجمهور على خلافه، فإنا نعلم إذا تواتر خبر لشخص ثم أنكره إما ناقص عقل، وإما مكابر جاحد لما يعلمه ضرورة وهي مترتبة في قوتها وحصولها للمكلف على هذا الترتيب، وقد نظمها على هذا الترتيب القاضي العلامة صارم الدين إبراهيم بن يحيى السحولي رحمه الله تعالى فقال:
Página 58