فقلت لها بإكبار: إن تقدمك خلال تلك الظروف نجاح باهر! - وقلت لخالد صفوان لم تشكون فينا؟ ألا ترى أننا أبناء الثورة، وأننا مدينون لها بكل شيء؟ فكيف تتهموننا بالعداوة؟!
فقال بسخريته الباردة: تلك حجة 99٪ من أعدائنا!
وحدثتني عن إيمانها القديم بالثورة، كيف أن الاعتقال لم ينل شيئا من صميمه: غير أننا كنا نشعر بأننا أقوياء لا حد لقوتنا، أما بعد الاعتقال فقد اضطرب شعورنا بالقوة وفقدنا الكثير من شجاعتنا وثقتنا في أنفسنا وفي الأيام، واكتشفنا وجود قوة مخيفة تعمل في استقلال كلي عن القانون والقيم الإنسانية، وبسبب ما عانيته من عذاب في فترة اختفاء إسماعيل قلت له: أليس من الحكمة أن ننطوي على أنفسنا حينا، وأن نتجنب المجتمعات والأصحاب؟
ولكنه أجابني ساخرا: لقد قبض عليهم بسببي وليس العكس.
فقلت لها معزيا: هكذا يعاني الإنسان عادة ثمنا للثورات الكبرى.
فتساءلت وهي تتنهد: متى يمكن أن تمضي الحياة عذبة بلا تعاسات مريرة؟!
ثم حدثتني عن اعتقالها الثاني. شعرت منذ البدء أنني مقبل على سماع قصة عنيفة للذكريات. - كانت التهمة تلك المرة هي الشيوعية!
ثم بتأثر عصبي: وكانت فترة لا يمكن أن تنسى.
ولما مثلت أمام خالد صفوان قال لي ساخرا: ها هي الصداقة بيننا تتوطد.
فقلت له: لا أدري لم قبض علي! - ولكنني أدري. - فما هو السبب يا سيدي؟ - السبب يرجع إلى مبادئ السيدين الجليلين ماركس ولينين!
Página desconocida