كنز الفوائد
كنز الفوائد
بينهما قال فإذا كان الحد شاملا للقياسين فلا فرق إذا بين القياس الذي اجزته والقياس الذي احلته قلت بل بينهما فروق وان شملهما الحد قال وما هي قلت منها ان علة القياس في العقليات موجبة ومؤثرة تأثير الايجاب وليست علة القياس في السمعيات عند من يستعمله كذلك بل يقولون هي تابعة للدواعي والمصالح المتعلقة بالاختيار ومنها ان العلة في القياس في العقليات لا تكون إلا معلومة وهي عندهم في السمعيات مظنونة غير معلومة ومنها انها في العقليات لا تكون إلا شيئا واحدا وهي في السمعيات قد تكون مجموع اشياء فهذه بعض الفروق بين القياسين وان شملهما حد واحد قال فما الذي يدل على ان القياس في السمعيات لا يجوز قلت الدليل على ذلك ان الشريعة موضوعة على حسب مصالح العباد التي لا يعلمها إلا الله تعالى عزوجل ولذلك اختلف حكمها في المتفق الصور واتفق في المختلف وورد الحظر لشئ والاباحة لمثله بل ورد الحكم في الامر العظيم صغيرا وفي الصغير بالاضافة إليه عظيما واختلف ذلك كل الاختلاف الخارج عن مقتضى القياس وإذا كان هذا سبيل المشروعات علم انه لا طريق الى معرفة شئ من احكامها إلا من قبل المطلع على السرائر العالم بمصالح العباد وانه ليس للقائسين فيه مجال فقال أحد الحاضرين فمثل لنا بعض ما اشرت إليه من هذا الاختلاف المبائن للقياس قلت هو عند الفقهاء اظهر من ان يحتاج الى مثال ولكني اورد منه طرفا لموضع السؤال فمنه ان الله عزوجل اوجب الغسل من المني ولم يوجبه من البول والغائط وليس هو بانجس منهما واكثر العامة يروون انه طاهر والزم الحائض قضاء ما تركته من الصيام واسقط عنها قضاء ما تركته من الصلوة وهي اوكد من الصيام وفرض في الزكوة ان يخرج من الاربعين شاة شاة ولم يفرض في الثمانين شاتين بل فرضهما بعد كمال المائة والعشرين وهذا خارج عن القياس ونهانا عن التحريش بين بهيمتين واباحنا اطلاق البهيمة على ما هو اضعف منها في الصيد وجعل للرجل ان يطأ من الاماء ما ملكته يمينه ولم يجعل للمراة تمكن من نفسها من ملكته يمينها واوجب الحد على رمي غيره بفجور واسقطه عن من رمى بالكفر وهو اعظم من الفجور واوجب قتل القاتل بشهادة رجلين وحظر جلد الزاني الذي يشهد بالزنا عليه إلا ان يشهد بذلك اربعة شهود وهذا كله
--- [ 295 ]
Página 294