ثم يتلوها مرتبة ثانية: وهي علم كلِّ أحد بأحوال آبائه وأجداده، وأهل بلده.
ثم مرتبة ثالثة: وعي معرفة الإنسان بأحوال الأرض التي هي مسكن الخلائق فإنها مختلفة الأجزاء كما قال تعالى: ﴿وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ﴾ وقال تعالى: ﴿وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ﴾.
ثم مرتبة رابعة: وهي العلم بأحوال الأفلاك، فإن بعضها يخالف البعض في العلو والسفل، والصغر والكبر، والبطو والسرعة، وغير ذلك.
ثم مرتبة خامسة: وهي الأحوال المنزلة من السماء إلى الأرض، وهي نزول القطر من صلب السماء، ووقوعه في رحم الأرض، ثم بعد ذلك يحدث في الأرض الواحدة أنواع من النبات بحيث يخالف كل واحد منها صاحبه في اللون والشكل والطعم والطبع والخاصية، وليس ذلك إلا بفعل قادر مختار، يفعل بالعلم والقدرة، لا بالعلية والطبيعية.
وإذا عرفت ذلك ظهر لك أن لله في ترتيب هذه الدلائل الخمسة، وتقديم بعضها على بعض حكمةً بالغة وأسرارًا مرعية، فسبحان مَنْ لا نهاية لعلمه، ولا غاية لحكمته.
1 / 46