٢ - أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، ثنا عَلِيٌّ، نا الْحَسَنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سُوْيٍد، نا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، وَنا عَلِيٌّ، نا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْجَنَبِيِّ، عَنْ بِلالِ بْنِ أَبِي مَسْلَمَةَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ الْحَنَفِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: وَرَدَتْ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَارِدَةٌ قَامَ مِنْهَا وَقَعَدَ وَتَغَيَّرَ وَتَرَبَّدَ وَجَمَعَ لَهَا أَصْحَابَ النَّبِيِّ ﵇ يَعْرِضُهَا عَلَيْهِمْ، وَقَالَ: أَشِيرُوا عَلَيَّ، فَقَالُوا جَمِيعًا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْتَ الْمُفْزِعُ وَأَنْتَ الْمُنْزِعُ، فَغَضِبَ عُمَرُ وَقَالَ: اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ، فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا عِنْدَنَا مِمَّا تَسْأَلُ عَنْهُ شَيْءٌ، فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لأَعْرِفُ أَنَا ابْنُ بَجْدَتِهَا وَأَيْنَ نَجْدَتُهَا وَأَيْنَ مُفْزِعُهَا وَأَيْنَ مُنْزِعُهَا، فَقَالُوا: كَأَنَّكَ تَعْنِي ابْنَ أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ عُمَرُ: لِلَّهِ هُوَ وَهَلْ طَفَحَتْ حَرَّةٌ بِمِثْلِهِ وَابْنُ عَمِّهِ انْهَضُوا بِنَا إِلَيْهِ فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ابْعَثْ إِلَيْهِ يَأْتِكَ، قَالَ: هَيْهَاتَ هُنَاكُ شُجْنَةٌ مِنْ هَاشِمٍ وَلَحْمَةٌ مِنَ الرَّسُولِ وَأَثَرَةٌ مِنْ عِلْمٍ يُؤْتَى لَهَا وَلا تَأْتِي، فِي بَيْتِهِ يُؤْتَى الْحُكْمُ فَأَعْطِفُوا نَحْوَهُ.
فَأَلْفَوْهُ فِي حَائِطٍ لَهُ يُعَالِجُ فَسِيلا لَهُ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ قَدْ رَضِفَ أَرْدَانَهُ وَبِيَدِهِ مِسْحَاةٌ يَبْرِكُ عَلَيْهِ بِرِجْلِهِ، وَهُوَ يَقْرَأُ: ﴿أَيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى﴾ [القيامة: ٣٦] .
وَيُرَدِّدُهَا وَيَبْكِي، فَسَمِعَ الْقَوْمُ بُكَاءَهُ فَبَكَوْا لِبُكَائِهِ فَلَمَّا سَمِعَ بُكَاءَهُمْ فَتَحَ لَهُمُ الْبَابَ فَدَخَلُوا وَسَلَّمُوا عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ عُمَرُ لِشُرَيْحٍ: حَدِّثْ أَبَا حَسَنٍ بِالَّذِي حَدَّثْتَنَا بِهِ، فَقَالَ شُرَيْحٌ: نَعَمْ كُنْتُ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ فَأَتَانِي هَذَا الرَّجُلُ فَذَكَرَ أَنَّ رَجُلا أَوْدَعَهُ امْرَأَتَيْنِ حُرَّةً مَهِيرَةً وَأُمَّ وَلَدٍ وَقَالَ لَهُ: أَنْفِقْ عَلَيْهِمَا حَتَّى أَقْدَمَ، فَلَمَّا كَانَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ وَضَعَتَا جَمِيعًا إِحْدَاهُمَا ابْنًا وَالأُخْرَى بِنْتًا وَكِلْتَاهُمَا تَدَّعِي الابْنَ وَتَنْتَفِي مِنَ الْبِنْتِ مِنْ أَجْلِ الْمِيرَاثِ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ: بِمَ قَضَيْتَ بَيْنَهُمَا أَيُّهَا الْعَبْدُ الأَبْطَرُ؟ فَقَالَ لَهُ شُرَيْحٌ: لَوْ كَانَ عِنْدِي مَا أَقْضِي بِهِ بَيْنَهُمَا لَمْ آتِكُمْ بِهِمَا، قَالَ: فَأَخَذَ عَلِيٌّ تَبِنَةً مِنَ الأَرْضِ فَرَفَعَهَا فَقَالَ: وَيْحَكَ إِنَّ الْقَضَاءَ فِي هَذَا أَيْسَرُ مِنْ هَذِهِ.
ثُمَّ دَعَا بِقَدَحٍ فَقَالَ لإِحْدَى الْمَرْأَتَيْنِ: احْلِبِي.
فَحَلَبَتْ فَوَزَنَهُ فَلَمَّا عَرَفَ وَزْنَهُ أَهْرَاقَهُ، ثُمَّ قَالَ لِلأُخْرَى احْلِبِي فَحَلَبَتْ فَوَزَنَهُ فَوَجَدَهُ عَلَى النِّصْفِ مِنْ لَبَنِ الأُولَى، فَقَالَ لَهَا: خُذِي أَنْتِ ابْنَتَكِ.
وَقَالَ لِلأُولَى: خُذِي أَنْتِ ابْنَكِ.
ثُمَّ قَالَ لِشُرَيْحٍ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ لَبَنَ الْجَارِيَةِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ لَبَنِ الْغُلامِ، وَأَنَّ مِيرَاثَهَا نِصْفُ مِيرَاثِهِ وَأَنَّ عَقْلَهَا نِصْفُ عَقْلِهِ وَأَنَّ شَهَادَتَهَا نِصْفُ شَهَادَتِهِ وَأَّن دِيَتَهَا نِصْفُ دِيَتِهِ وَهِيَ عَلَى النِّصِفْ فِي كُلِّ شَيْءٍ.
قَالَ: فَأُعْجِبَ بِهِ عُمَرُ إِعْجَابًا شَدِيدًا ثُمَّ قَالَ: أَبَا حَسَنٍ لا أَبْقَانِي اللَّهِ لِشَدِيدَةٍ لَسْتَ لَهَا وَلا فِي بَلَدٍ لَسْتَ فِيهِ
1 / 3